آية ومعنى : ” اقتربت الساعةُ وانشقّ القمر ” سورة القمر ١
آية ومعنى : ” اقتربت الساعةُ وانشقّ القمر ” سورة القمر ١
بقلم أشرف خاطر .
الحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه واتَّبَع هداه ، أمّابعد ،
القرآن الكريم ، كلام الله _ تبارك وتعالى _ وكتابه العظيم نزّله على رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ أول مانزل في ليلة القدر _ الله أسأل أن أدركتنا ليلة القدر في هذة الأيام المباركة _ ثم إستمر في النزول طيلة ثلاث وعشرين سنة وهو المصدر الأول في التشريع في الإسلام ، ويعتبر معجزة رسول الله الكبرى التي ستبقى ما بقيت السماوات والأرض .
ومن أبرز معجزات القرآن الكريم العلمية هي معجزة وحدة الكون ، فقد أثبت العلم الحديث أن الكرة الأرضية كانت متصلة مع المجموعة الشمسية ولَم تكن صالحة للعيش ، ثم تبرّدت الأرض وانفصلت عن المجموعة الشمسية وأصبحت مؤهلة للسكن وللعيش ، وهذا ما أخبرنا به القرآن الكريم منذ قرون ، قال تعالى ” أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون ” الأنبياء ٣٠
ومن معجزات القرآن الكريم العلمية معجزة نشأة الكون ، فقد أثبت العلم الحديث أيضاً أنّ الكون كان أول ماكان من الغاز ، وكان هذا الغاز منتشراً في الفضاء بشكل منتظم ثم خُلق الكون من تكاثف هذا الغاز وهذا ما بينّه القرآن الكريم ، قال تعالى ” ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين ” فُصلّت ١١
ومن المعجزات العلمية أيضاً للقرآن الكريم ، ما أثبته العلم الحديث بأن الأكسجين يتناقص كلما صعد الإنسان في طبقات الجو العليا وابتعد عن سطح الأرض ، مما يؤدي إلى ضيق في التنفس وشعور بالاختناق ، وهذا ما أورده القرآن الكريم ، قال تعالى ” فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعّد في السماء ” الأَنْعَام ١٢٥
ومن المعجزات العلمية أيضاً للقرآن الكريم معجزة أقسام الذرّة ، حيث اكتشف العلماء الذرّة وظنوا أنها أصغر شيء على سطح الأرض ، ثم اكتشفوا فيما بعد بأن الذرّة قابلة للانقسام ، قال تعالى : ” وما يعزب عن ربك من مثقال ذَرَّة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ” يونس ٦١
ومن معجزات القرآن الكريم العلمية طبيعة القمر الفيزيائية ، أثبت العلم الحديث أن القمر عبارة عن جرم سماوي عاكس للضوء ولا يصدر الضوء من ذاته ، بينما الشمس هي السراج الذي يصدر الضوء والقمر يعكس هذا الضوء في الليل فقط ، وهذة الحقيقة بالقرآن الكريم ، قال تعالى ” وجعل القمر فيهن نوراً وجعل الشمس سراجاً ” سورة نوح ١٦
رسول الله سيدنا محمد _ صلى الله عليه وسلم _ معجزته الكبرى القرآن الكريم والتي لم تقتصر على المعجزات العلمية فقط بل اللغويّة والأدبية ، والإعجاز هو مايؤتى خارق للعادة ، وهو يُشاهد بما جاء به الأنبياء والرسل ، ولَم يُحرم نبينا محمد _ صلى الله عليه وسلم _ من تلك المعجزات المشاهدة ، فكان إنشقاق القمر ، بسؤاله ربه تبارك وتعالى ، عندنا طلب منه مكذبوه بالنبوة وهو الصادق الأمين ، أن يأتيهم بآية (بمعجزة )يرونها رؤيا العين ، وقالوا سنؤمن لك ، فسأل النبي _ صلى الله عليه وسلم _ ربه ، فانشق القمر إلى نصفين ، نصفٌ على جبل أبي قُباس ، ونصفٌ على جبل قينقاع ، ولقد حضر وشهد ذلك كل من : الوليد بن المغيرة ، أبو جهل ، العاصي بن وائل السهمي والعاصي بن ربيعة والأسود بن عبد يغوث والأسود بن عبد المطلب وربيعة بن الأسود والنضر بن الحارث ، ولما حصل قالوا : إنه لسحر ؟ فقال رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ للأرقم بن أبي الأرقم ، ولأبي سلمة : اشهدوا اشهدوا اشهدوا .
ومن بشارتي لكم أحبتي في الله ، من إنشقاق القمر ، هي : أننا أمة محمد _ صلى الله عليه وسلم _ أمةٌ مرحومة ، ويسأل سائل ما دليل صحة ذلك من معجزة إنشقاق القمر ؟ علمنا قول المكذبين الذين شهدوا المعجزة أنهم قالوا بأنه سحرٌ ، ولقد وعدوا أن يؤمنوا ولَم يؤمنوا ! وحنثوا بوعدهم ،
أليس بتكذيبهم هذا وإصرارهم ونكثهم عهدهم أن يستحقوا العذاب ؟ كمن كفر وتسبب في رفع المائدة التي نزلت من السماء على سيدنا عيسى _ عليه السلام _ والحواريين ، حيث عذّب الله من كفر . لكنّ الله تبارك وتعالى لم يأخذ مكذبي النبي _ صلى الله عليه وسلم _ بكذبهم وظلمهم ومحقهم ، لأن الله تبارك وتعالى قال في محكم آياته : ” وما كان الله ليُعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ” سورة الأنفال ، آية ٣٣
ولقد بينّت سلفاً في خاطرة ولله الحمد
بأن سيدنا محمد _ صلى الله عليه وسلم _ مازال فينا حاضراً ، واستشهدت بذلك من السنّة المطهرة ، بالحديث النبوي الشريف ، فقد أخرج أبو دَاوُدَ بسند جيد عن أبي هُريرة وقد ثبت عنه _ صلى الله عليه وسلم _ انه قال ( أن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فأكثروا عليّ من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة عليّ ، قالوا : يارسول الله كيف تُعرض صلاتنا عليك وقد أرمت ؟ قال : إن الله حَرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ، وسبق قوله _ صلى الله عليه وسلم _ ( إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام ، وهذا يدل على أنه صلى الله عليه وسلم يُبلّغ صلاة المصلين وسلامهم ، فاللهمّ صَل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وقال عليه الصلاة والسلام : ما من أحدٍ يُسلّم عليّ إلا ردّ الله عليّ روحي حتى أرد عليه السلام ، ومن كتاب الله قال تعالى : ” واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتُّم ولكن الله حبّب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكرّه إليكم الْكُفْر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون ” الحجرات آيه ٧
وصحة هذا الدليل تأتي من قوله تعالى ” أولئك هم الراشدون ” فَلَو أن المُخاطبين هم فقط من عاصروا وصحبوا وكان فيهم سيدنا رسول الله لأقتصر الرشد والرشاد عليهم فقط ، فماذا عنّا وعن ما سيأتون بعدنا ، هل لا نصيب لنا ولهم من قوله تعالى ( أولئك هم الراشدون ) ؟
إذاً علمنا يارب أن فينا رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ وأن قوله تعالى ” أولئك هم الراشدون ” لنا فيها نصيب بإذن الله ومن سيأتون بعدنا ، يقول صلى الله عليه وسلم : طوبى لعبدٍ آمن بي ولَم يرانِ .
والآن نأتي على من جمع بين سراج الشمس ونور القمر ، إنّه سيدنا محمد رسول الله _ صلى الله عليه وسلم _ وصفه ربنا تبارك وتعالى في قرآنه الكريم بقوله الكريم ” وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً ” سورة الأحزاب آية ٤٦
اللهمّ فقهنا في ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وزدنا علماً ورزقاً واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير واجعل الموت راحةً لنا من كل شر ، وتوفّنا وأنت راضٍ عنّا ياالله ، بفضلك وكرمك يا أرحم الراحمين ، وكل عامٍ وأنتم بخير ، وصل اللهمّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، آمين .
التعليقات مغلقة.