موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

معركة بلاط الشهداءبين المبالغة والواقع .بقلم.مدحت رحال

169

لا شك أن معركة / بلاط الشهداء من المعارك الفارقة في تاريخ الفتح الإسلامي ،
فقد توقفت بعدها الفتوح الإسلامية في بلاد الغال ، وفيما وراء جبال / البرانس ، بعد أن وصلت إلى أبواب باريس في فرنسا ،

وقد تناول المؤرخون الأوروبيون هذه المعركة بكثير من التفاصيل وكثير من الأساطير ، وغلبت عليها المبالغة في وصف الهزيمة التي لحقت بالمسلمين ، إلى درجة اعتبرها بعضهم أنها أنقذت المسيحية من الفناء ، فيما اعتبرها آخرون أنها غيرت وجه التاريخ .

وفريق آخر كان أكثر موضوعية ، فهو يرى أن هذه المعركة قد بولغ فيها بشدة ، وقالوا إن ما نسج من أساطير حول هذا الإنتصار مبالغ فيه جدا ، واعتبروها معركة كغيرها من المعارك في سلسلة الحروب بين المسلمين والنصارى في أوروبا .

أما المصادر الإسلامية فقد خلت تماما من ذكر تفاصيل المعركة ، إلا من إشارات عابرة
وقد يكون ما كتب عنها مفقودا قد يُكشف عنه ذات يوم ،
فليس بين أيدينا إلا ما كتبه المؤرخون الأوربيون وما نُسِج فيه من أساطير ومبالغات ،

ويرى بعض المؤرخين العرب المعاصرين بأن أسباب الهزيمة تتلخص في :

الإغترار بالكثرة والعدد الضخم من الجند من العرب والبربر بحيث وصل إلى أرقام مبالغ فيها كما ذكر المحققون ،

الحملة العسكرية فتحت مدنا كثيرة حتى وصلت إلى / بواتيه ، وجمعت الكثير من الغنائم التي فُتن بها المحاربون واختلفوا في قسمتها ،

تجددت العصبية بين العرب والبربر في الجيش ،

ولكن مؤرخين آخرين يقللون من أهمية هذه الأسباب ويفندونها بما لا مجال لذكره هنا ،

وقبل أن ندخل في تفاصيل وتحليل المعركة فإنني أتساءل :
هل كانت المعركة هزيمة عسكرية ؟
أقول وهذا رأيي :
لم تُهزم القوات الإسلامية في هذه المعركة ،
بل ولم تخسر المعركة ،
أقول ولعله تعبير لم يقله أحد :
(( إنها …… خسرت …… النصر ))

ولندلف إلى المعركة وتحليلها لنرى مدى صحة هذا القول ،

يقول الدكتور / السرجاني ،
معتمدا على المصادر الأوروبية حيث لا توجد مراجع عربية ، وبعد أن تم تنقيتها مما علق بها من مبالغة وأساطير :
بعد أن وحد / عبد الرحمن الغافقي المسلمين ،
وقضى على الفتنة بين العرب والبربر ،
توجه ناحية فرنسا ليستكمل الفتح الذي بدأه قبله / السمح بن مالك الخولاني ،
ودخل مناطق لم يدخلها السابقون ،
ووصل إلى تور وبواتيه على بعد حوالي ٣٠٠ كيلومتر من باريس ،
وقد امتدت خطوطه إلى قرطبه إلى حوالي ١٠٠٠ كيلومتر ،
أي أنه توغل كثيرا جدا في فرنسا باتجاه الشمال ،

عسكر الغافقي قرب مدينة / بواتيه ، وبدأ ينظم جيشه لملاقاة جيش النصارى الذين بدأوا يحشدون جموعهم من الأمراء والنبلاء ورجال الدين وجموع الشعب ومن ينضم إليهم في الطريق ،
يقودهم / شارل مارتل – شاب جرماني،

التقى الجيشان بقوات متعادلة تقريبا من الطرفين حسب تقدير أغلب المؤرخين ،
واستمر القتال لمدة تسعة أيام دون أن ترجح كفة على الأخرى ،
وفي اليوم العاشر حمل المسلمون حملة شديدة حتى لاحت بشائر النصر ،
إلا أن فرقة من فرسان الفرنجة استطاعت أن تنفذ إلى معسكر الغنائم خلف الجيش الإسلامي ،
فقفلت فرقة من فرسان المسلمين من القلب إلى الخلف للدفاع عن الغنائم فكانت الطامة الكبرى ،
اهتز قلب الجيش الإسلامي ثم اهتز وضع الجيش كله لهذه الحركة المفاجئة ،
وفيما كان / الغافقي ينادي ويحاول تنظيم الجيش من جديد أصيب بسهم سقط على إثره شهيدا ،
فكانت هذه ثالثة الأثافي ،
فمقتل القائد أو الملك في ذلك الوقت ، كان يعني حسم المعركة لصالح الطرف الآخر مهما كان تعداد ذلك الجيش ،
والتاريخ زاخر بالأمثلة على ذلك ،
ورغم كل ذلك فقد استمر الجيش الإسلامي في القتال بضراوة إلى أن أقبل الليل وانسحب كل فريق إلى مواقعه الأمامية ،

اجتمع القادة المسلمون وقيموا الوضع بعد استشهاد قائدهم ، فرأوا أن ذلك قد فت في عضد الجند ، وأن النصر أصبح بعيد المنال ، خاصة وقد استشهدت أعداد كبيرة منهم بعد ما وقع من فوضى في صفوف الجند بعد استشهاد الغافقي .
فقرروا الإنسحاب تحت جنح الظلام حفاظا على بقية الجيش ، فانسحبوا إلى الجنوب دون أن يحس بهم العدو ،
وفي اليوم التالي تقدم الفرنجة لمواصلة القتال ، فإذا مضارب المسلمين خاوية ، فظنوا أن الأمر خدعة ومناورة عسكرية ،
فلم يلحقوا بالجيش المنسحب ،

هذا هو سيناريو معركة / بلاط الشهداء ،
ولنُلق نظرة تحليلية موضوعية لمجرياتها ونتائجها لنرى :
هل هي هزيمة
هل هي خسران معركة
هل هي خسران نصر

_ قتال الجيش الإسلامي حتى حلول الظلام يدل على أنه جيش غير مهزوم،
ولو قرر القادة مواصلة القتال لواصلوه
_ انسحاب الجيش بكامله بحيث أن عدوه المتربص على بعد أمتار لم يفطن لانسحابه يدل على :
-أنه كان انسحابا منظما وبخطة محكمة بحيث لو فطن العدو بأن شيئا ما يحدث على الجانب الآخر لظن أنه إحدى تكتيكات وخطط القتال وليس انسحابا ، خاصة وأن الجيش الإسلامي لم يتوقف عن القتال ولم يتراجع عن مواقعه في المعركة .

ويدل أيضا على أن قوات الفرنجة كانت منهكة جدا بحيث لم تشعر بما يجري بالقرب منها وهو ليس بالأمر الهين ، إنه انسحاب جيش بكامله
_ هذا الإنسحاب أشبه بانسحاب المسلمين في موقعة مؤته بعد استشهاد القادة الثلاثة ، حيث انسحب خالد بن الوليد بالجيش انسحابا منظما على مرأى من العدو وهم يظنونه إحدى مناورات القتال ،
_ الجيش المهزوم يولي الأدبار شذر مذر لا يلوي على شيء ويلاحقه العدو قتلا وأسرا ،
وهذا ما حصل في اليرموك والقادسية وما تلاهما من معارك في فتوح بلاد الشام وما وراء النهر لقوات العدو من الفرس والروم .
وهو ما حصل للقوات العربية حين انهزمت أمام العدو الإسرائيلي في حرب الأيام الستة سنة ١٩٦٧
وهو ما لم يحصل مع قوات خالد بن الوليد ولا الغافقي ،
بل بقي الجيش الإسلامي على ثباته وتماسكه .
ولعل انسحاب الجيش الإسلامي بهذ الشكل كان أغلى أماني الروم في المعركتين ،
وكانوا يعتبرون مجرد عدم انهزامهم أمام المسلمين نصرا مؤزرا مبينا ناهيك عن انسحاب القوات الإسلامية .
لذلك اكتفى شارل مارتل قائد الفرنجة بالمحافظة على أرضه معتبرا ذلك نصرا له ،

لم تخسر القوات الإسلامية في بواتيه أرضا أو موقعا ،
هي كانت تقاتل في أرض العدو ،
خسرت بالتأكيد شهداء كثرا ،
وربح الشهداء ، فهم أحياء عند ربهم يرزقون ،

استمرت القوات الإسلامية على قوتها ، فهي وإن تراجعت عما فتحته في بلاد الغال ، فقد بقيت في الأندلس لقرون ، ولو لم تقع بينهم الفتن وتستقل كل مدينة بنفسها فيما سمي تاريخيا عصر ملوك الطوائف ، بل واستنصار بعضهم على بعض بنصارى قشتالة ، لبقيت الأندلس بلدا إسلاميا لقرون أخرى وربما إلى الحرب العالمية الأولى .

توقف الفتح الإسلامي في بلاد الغال فيما وراء جبال البرانس ،
لم يكن ذلك عن وهن وضعف ،
ولكن بعد معركة بلاط الشهداء ، أدرك المسلمون أنه من الصعوبة بمكان إن لم يكن من المستحيل أن يتوغلوا في مجاهل أوروبا ، وأن ذلك خطر عظيم ،
فهي بلاد متجانسة عرقيا وثقافيا ودينيا وحضاريا
هي بلاد لا تناسب طبيعتهم في تضاريسها الطبيعية وطقسها المناخي

خطوط الإمداد طويلة جدا بين قاعدة الإسلام في دمشق أو غرناطة حيث حكم الدولة الأموية ، مما يعيق بل يستحيل معه تأمين الإمدادات اللوجستية أو الدعم العسكري ، فضلا عن تأمين وحماية هذه الخطوط من هجمات العصابات وقوى المقاومة الأهلية على طول الطريق ،

الحاجة إلى أعداد كبيرة جدا من الجند لمواصلة الفتح من جهة ، ولتأمين البلاد المفتوحة من الثورات ونقض العهود مما يتوجب معه وضع حاميات عسكرية في كل بلد مفتوح من جهة أخرى ، وهذا أمر فوق طاقة أية دولة مهما بلغت من القوة ،
لذلك اكتفت الدولة الإسلامية سواء على الجبهة الغربية في الأندلس وشمال إفريقيا ، أو على الجبهة الشرقية مع الروم ، بالفتوح على أطراف أوروبا ، فاستطاعوا فتح القسطنطينية والسيطرة على بلاد البلقان شرق أوروبا ،

قد يقول قائل :
كيف تعجز القوات الإسلامية عن التوغل في العمق الأوروبي وقد فعلت ذلك في آسيا حتى وصلت حدود الصين ؟
نرد على ذلك :
_ كما قلنا ، الأمم الأوروبية متجانسة فكريا وحضاريا وعرقيا وعقائديا مما يصعب اختراقها ،
الأمم الأوروبية تجمعها عقيدة واحدة تؤمن بها ومستعدة وخاصة جماهيريا للتضحية والموت في سبيلها .
_ السلطة البابوية مقدسة وتعتبر من سلطة الرب عند نصارى أوروبا ، بل وتأتي فوق سلطة الملك ،
ويستطيع البابا أن يحرم أو يمنح بركته بكلمة منه .
هي أمر مقدس ،
ولا ننسى كيف أن ملك انكلترا اضطر إلى أن يمشي حافيا إلى مقر البابوية تائبا مستغفرا بعد أن أعلن البابا حرمانه عندما حاول الخروج على سلطة البابا ،

_ الأمم الآسيوية لا يجمعها عقيدة ولا دين ،
فترى البلد الواحد فيه عدة أديان ،
ولا أظن أن أحدا منهم مستعد لأن يموت في سبيل بقرة أو فأر .
_ التضاريس الطبيعية والمناخية الآسيوية أقرب إلى الحياة العربية من تلك الأوروبية
_ كان كثير من الآسيويين يدخلون في الإسلام طوعا واقتناعا مما يشكل رافدا بشريا لا ينضب للجيش الإسلامي ،
لكل ذلك كان الفتح الإسلامي في آسيا أكثر سهولة وسلاسة نسبيا عنه في الجبهة الأوروبية ،

بعد هذا الإستطراد ، وكان لا بد منه لصلته الوثيقة بالموضوع ،
وبعد استعراض وتحليل جوانب المعركة في أكثر من عامل نعود فنسأل :
هل كانت معركة بلاط الشهداء هزيمة ؟
أم خسارة معركة في حرب ممتدة زمانا ومكانا ؟
أم أنها خسارة نصر ؟
أقول بكل موضوعية ودون تحيز ، فقد مضى زمنها ومرت عليها القرون :
(( إنها كانت خسارة نصر ))
خسر المسلمون نصرا ولم يخسروا معركة ،
ولعلي لا أجاوز الحقيقة إن قلت :
كانت معركة / بلاط الشهداء فصلا آخر من معركة / أُُحد الشهداء ( معركة أحد ) :

كان الحرص على الغنائم هو السبب في نتيجة المعركة .

استشهد حمزة سيد الشهداء ، واستُشهد الغافقي قائد الجيش .

لم يهزم المسلمون في المعركتين بمفهوم الهزيمة ،
ولم يكن نصرا بمعناه العكسري لا للمشركين في احد ،
ولا للقشتاليين في بلاط الشهداء

في أحد الشهداء
وفي بلاط الشهداء
خسر المسلمون النصر .

وأختم بأنها كانت خسارة حضارية لأوروبا ،
بقدر ما كانت خسارة نصر للمسلمين ،
لست أنا من يقول ذلك ،
قاله مؤرخ أوروبي منصف ( أناتول فرانس )
( كانت معركة بواتيه – بلاط الشهداء – نصرا للهمجية على الحضارة )
وقاله في روايته ( الحياة المزهرة ) على لسان بطل الرواية دوبوا قائلا للسيدة أندرياس :
( ما أشأم يوم عرفته فرنسا يا سيدتي ؟ )
قالت :
( هو اليوم الذي انهزم فيه المسلمون في معركة / بواتيه )
فالكاتب يرى أن انتصار الفرنجة في هذه المعركة قد أخر دخول الحضارة لفرنسا قرونا ،
وأخيرا ،
فمعركة / بلاط الشهداء ،
كانت ( خسارة نصر للمسلمين )
و( خسارة حضارة لأوروبا ) ،،،،

تعقيب وتحذير :
لمن يهمه الأمر ،
احذروا أن تخسروا النصر تحت الضغط العربي
والوعود الكاذبة من الأجنبي
لا تفلتوا ورقتكم فلن تتكرر
مدحت رحال ..

التعليقات مغلقة.