آية ومعنى: ” لَخَلقُ السَّمَاوَاتِ والأرض أكبرُ من خلق ِالنَّاسِ …. ” غافر ٥٧
آية ومعنى :” لَخَلقُ السَّمَاوَاتِ والأرض أكبرُ من خلق ِالنَّاسِ ولكنّ أكثر الناس ِلا يعلمون ” غافر ٥٧
بقلمي : أشرف خاطر .
الحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه واتبّع هداه ،
يقول المُلحدون في الخلق : بطنٌ تدفع وأرضٌ تبلع ، أي ينكرون وجود الله خالق كل شيء سبحانه وتعالى ، فتناسوا خلق السماوات والأرض قبل خلق سيدنا آدم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام _ قال تعالى ؛ ” لَخَلقُ السَّمَاوَاتِ والأرض أكبرُ من خلق ِالنَّاسِ ولكنّ أكثر الناس ِلا يعلمون ” غافر ٥٧
كلمة الناس أتت بالآية مرتين ، الأولى تعني جميع الناس وبمعنى جميع الخلق ، أمّا الثانية بالآية هم الناس المفترض منهم تدبر وتأمل خلق السماوات والأرض وخلق جميع الخلق ، وهم أكثرية وهؤلاء لا يشملهم البهائم _ أعزّكم الله _ لأن البهيمة سُميّت بهيمة لأنها أُبهمت عن العلم والفهم ولا تعلم ولا تفهم ، فهي بخلاف الإنسان ، فإشتقاق الإنسان من النسيان والنسيان لا يكون إلا بعد العلم فسُميّ الإنسانُ إنساناً لأنه ينسى ما علمه وتعلمه ، ” ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسييء ولَم نجد له عزماً ” سورة طه ، آية ١١٥
دليل ذلك أن لفظ الناس بمعانيه تتعدد بالقرآن الكريم ، فأحياناً يرد بمعنى جميع الناس كما في قوله تعالى ؛ ” ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ” البقرة ٢١ ، فهذا شامل كل الخلق ، وأحياناً يكون معناه مراد به الأمم السابقة كلها كما في قول الله تعالى : ” وكذلك جعلناكم أُمَّةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا … الآية ” البقرة ١٤٣
وأحياناً يكون معناه متوجهاً لطائفة معينة من الناس كالمنافقين في قول الله تعالى : ” ومن الناس من يقول آمَنَّا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين ” البقرة آيه ٨
وأحياناً يكون المعنى متوجهاً لشخص واحد ، وهو الصحابي سيدنا صهيب رضي الله عنه وأرضاه حين نزل فيه قول الله ؛ ” ومن الناس من يشري نفسه إبتغاء مرضاة الله والله روؤف بالعباد ” البقرة آية ٢٠٧
وكقوله تعالى : ” الذين قال لهم الناس إنّ الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ” البقرة ١٧٣ ، والنَّاس الأولى المراد بها شخص واحد وهو : نعيم بن مسعود الأشجعي ، والدليل على أن المراد بها واحد ، هو إستعمال إسم الإشارة بعدها في قوله تعالى : ” إنما ذلكم الشيطان ” .
إنّ أدلة وجود الله_ سبحانه وتعالى_ كثيرة وواضحة للعيان ولمن تأملها ، وقسمها جمهور العلماء إلى ثلاثة أنواع رئيسية وهي :
الأدلة الفطرية :
فكل إنسان يشعر من تلقاء نفسه ، أنّ له ربٌ خالق أوجده ويرعاه ، حيث ورد أن الإمام ابن عثيمين _ رحمه الله _ قال في دليل الفطرة ، إنه أقوى من كل الأدلة ، ولذلك قال الله تعالى : ” فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرت الله التي فطر الناس عليها … الآية ” الروم آية ٣٠ ، فالفطرة السليمة شاهدة على وجود الله تعالى ، ولا يمكن لظلمات الشك والكفر ، مهما أحاطت نفس الإنسان أن تنزع تلك الفطرة منه ، ولعل هذا الدليل ظهر جلياً مع ما عالمنا فيه الآن من إنتشار وباء فيروس كورونا وأن العلماء عجزوا إلى الله على التوصل إلى لقاحٍ يقضي عليه ، علموا وعلم العالم بأن هذا الفيروس الدقيق والمتناهي في الصغر والذي لا يُرى بالعين المجردة ، هو جندٌ من جنود الله ، إن شاء صرفه بأن يأذن له ويأمره بالإبتعاد عن البشر ، وأن يهدي العلماء إلى التوصل الى لقاحٍ له يقي العالم منه مستقبلاً ، لذلك شعر العالم أجمع بقدرة الله عز وجل ، قال تعالى : ” وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألستُ بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنَّا كنّا عن هذا غافلين ” الأعراف آية ١٧٢
الأدلة الحسيّة :
إن ما يراه الإنسان من حواليه وأمامه من أحداث وشجر وسماء وبحار وأنهار وسماء بأجرامها ومجراتها وكواكبها ونجومها وشمسها وقمرها وإختلاف الليل والنهار وأن جعلهم الله خلفة ، وجميع الأشياء الأخرى ، تدل على أنه لا بد لها من سبب وجود ، فإما أن تكون وجدت صدفة دون سبب يدعو لذلك ، أو تكون قد أوجدت نفسها بنفسها ، وقامت على شئونها بذاتها ، أو أن يكون هناك من أوجد تلك الأشياء وخلقها ، ولا بد أن الإحتمال الأول والثاني من المستحيلات ، مما يدل على أن الإحتمال الثالث هو الصحيح ، وأن المُوجد الذي أوجد الأشياء وخلقها من العدم ، هو الله تعالى وحده ، ثم أن تلك الأشياء الموجودة من قديم الزمان ، ومنذ ملايين السنين كما أثبت علماء الأحياء والجيولوجيا وعلماء الفلك ، فالكل يسير بدقة متناهية من النظام ، فلا بد من وجود من هيّأ لها أسباب البقاء ، ولا شك في ذلك بأنه الله الخالق الباريء المصور له الأسماء الحسنى وصفاته العلا والتي منها أنه الأول والآخر والظاهر والباطن .
قيل بأنه ذات يومٍ جاء بعض الناس إلى الإمام الشافعي يرحمه الله وطلبوا منه أن يذكر لهم دليلاً على وجود الله عزّ وجل ، ففكر لحظة ثم قال لهم : الدليل هو ورقة التوت ، فتعجب الناس من هذة الإجابة وتساءلوا كيف تكون ورقة التوت دليلاً على وجود الله ؟!!
فقال الإمام الشافعي : ورقة التوت طعمها واحد ، ولكن إذا أكلها دود القز أخرج حريراً ، وإذا أكلها النحل أخرج عسلاً ، وإذا أكلها الظبي أخرج المسك ذَا الرائحة الطيبة ، فمن الذي وحّد الأصل وعدد طبيعة ونوع المخارج ؟ إنّه الله سبحانه وتعالى خالق الكون العظيم .
الأدلة الشرعيّة ؛
إن وجود الشرائع دليلٌ على وجود الله تعالى ، وعلى كمال علمه وبأنه الخبير الكبير المتعال ، وعلى حكمته ، ورحمته ، لأنها لابد لها من مُشرّع شرّعها وأنزلها ، هو الله عزّ وجلّ في علاه .
اللهمّ فقهنا في ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير ، وقنا وأصرف عنا الوباء والبلاء و كل شر ، وبلّغنا ليلة القدر ، وصلّ اللهمّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، آمين .
التعليقات مغلقة.