ابجديتي الصامتة
بقلم الكاتبة السورية هيفاء البريجاوي
ترتجل حروفي متواترة وتستوطن هناك حيث جثمت روحي ونسائم طفولية تلاطف وجنتي اكتظ بها حر صيف طويل يداعب حواس عمر أصقلته السنين سِجل من سكنها وسكنني، حيث ذكريات سرقت مني بوابة عمر خضرة الأوراق لفصل مرها،وما اكتمل بعد ربيع عمرها، وشحوب غير مسار ما عاد يفيد مصل حنين يسكت تلك النبضات المتسارعة المرتبكة لتحتويها دموع أيقظت سكرات حروف صامتة رماد سنين طوال لحلم مشاغب ما زال يعيشني وأعيشه…!!
وأنا أتفقد ذكرياتي المهجورة .لكن ما أوقظ ذاكرتي حفيف اوراق يناديني يخاطبني من تلك الشجرة التي كانت رفيقة سنيني …
وكأنها تهمس لي إنتظرت عودتك طويلا وانا احتفظ بكل اوراقي التي تلبسني منذ كان عهدنا سويا!!
فاحتفظت لك بكل اسماء خططتيها على جذوعي وجذوري التي اصابها جفاف …
وانت رحلت بعيدا لكني حفظت العهد بيننا ..كانت الشمس كل يوما تلقي عليّ السلام والقمر يعود بذات الوقت الذي كنا نناظره سويا …كنت اسعد يا صديقتي بكل ما جمعنا منذ سنين طوال كنت اتذكر حينما كنا نكبر وانت تلازميني وكل يوم تسقيني ومحفظتك وبدلة المدرسة وظفائر شعرك منثور على كتفيك وابتسامتك تملا كل ارجاء البيت تقبلك الياسمينة وانت تتراقصين حولها، كالفراشات والعريشة ونافورة البيت والتينة والزفزفة ورفيقات كنتن كنسمات رقيقات أتغزل بكنّ صباحاتي…
وصو ت الجد والجدة يملآ زوايا البيت العتيق وانت تردين بخجل ورقة انا هنا بين الجيرة والرفقة لست وحيدة يا جدي..دونت كل التفاصيل لك وانت تأتين خلسة ليلا تجلسين تحت عنق جذعي تعدين نجماتك السمائية وكل يوم تكبرين بيننا …
وأغطيك من رياح تلفح قلب جميل ونتغزل بك ونغار عليك كإبنة لنا..
أطلت الغياب خفت أن ياتي احد يقطعني بشتاء قارس …خفت أن تظنني خلفت العهد .لو تعلمي قصصا مرتني وصوت الرعد كم كان مخيفا والليل كم تضج به حكايا حتى النوافذ تعرت تئن الما ضاقت بها قصص من عاشوها سنين حرب أدمت كل القلوب …
غادر السكان وأتى غيرهم حبلى بالالم والتشرد الذي طال كل اصقاع الارض..!!
وانا أترقب حالهم وألقي باغصاني عليهم عليي اقيهم شيئا من الجوع والبردوكذا الطفولة استفزها صوت الانين وضجيج وصخب،تلونت الحكايا بعدما كانت بالاسود والابيض كلنا نعيشها بعفوية وحب.. فكيف الفرح لا يعني فقط قلب وبيت كانت الافراح تملا الازقة وكأنها بيت الاهل والجد ،والحزن يعم كل الحي ،ما دام الاخ يتألم لفقد، عادات وتقاليد ما زالت تحيا فيني كامس يسامر الغد
وكذا مآذن تصدح والكنائس تقرع الأجراس نحن كنا سويا وعلى كثب قلب يحتضننا بأرض تبورها ذهب.
آه ..وكان وكان ..
كل هذا أحتضنه بين ثماري وأوراقي وجذوري يا صديقة احتويها بكل حب ونقاء وتأمل وترقب وانبهار
وأنين واشواق جعلتني إلى يومي هذا صامدة صمود الاسد ….
إنهارت قوتي ونزلت الارض جامثة على ركبتي أشم تراب كنت استنشقه صبحا وليلا ما غادرني نسيت كل ما مر بي من لحظات عتب…
أنتزع الخوف من قلبي والجبال تتوجني ابنة النيازك والشهب…..
آه يا حبيبتي كفي عن جلدي فضلوعي هرمت ،واشتدت عليّ المحن والمواجع طالتني من كل مكان وصوب…..
لكن وفيت العهد فقد بقيت على العهد وفية أجل بقيت ابنة الحي الشقية بقلب طفلة لم يطله وباء دماء تسري به نقية ،رغم اوجاع ومرارت عشتها..كنت مثلما عهدتني وحيدة شامخة جذوري عربية،انا اليوم حقا كبرت يا صديقتي اصبحت الام والشقيقة لبلادعربية سلاحي صوت قلم يدوي فانني ابنة سورية ….
واغنية كنت ارددها وساظل حدودي اوطان ابجدية…..حروفها اتممتها مدونة شعرية…احمل انتمائي اوطان سماء تمتد كل الكرة الأرضية ..
قانون توجت به حياتي ،لن تكسرنا ويلات حرب ما دمنا رمز العنفوان والقضية …
دعيني أتنفسك لاعود طفلتك الشقية….لمروج تعيدني حيث أتنفسك بروحي الأبية..لأتم مشواري وانا على عهدك بي ايتها الصمود ايتها الوفية……
التعليقات مغلقة.