أبجد هوز …
بقلم المهندس أسمه أنيس
هناك العديد من النظريات والآراء التى تتحدث عن بداية وتطور اللغات وأبجديتها … لكن ومنذ وضعت الأبجدية العربية (1600 سنة قبل الاسلام تقريباً) وحتى الآن فهناك ما يشبه الإجماع على أن اللغة العربية هى اللغة الأكمل
المشوق جداً أنه مع وضع أبجدية العربية فى صورتها الأخيرة وضع معها معادل رقمى لكل حرف وبمتسلسلة رفمية منتظمة ومتكاملة … ولنرى
كانت الأبجدية مرتبة كالتالى … أبجد هوز حطى كلمن سفعص قرشت ثخذ ضظغ (28 حرف) … ربما لاحظ القارىء
(الفا – بيتا –جاما – دلتا) فى اليونانية وهى تناظر (أبجد) فى العربية
(A B ) فى الانجليزية تناظر (أ ب ) فى العربية … وكذلك (K L M N) وتناظر (كلمن) ….. ثم (Q R S T) ولتناظر (قرشت – مع أختلاف بسيط)
ثم كان المعادل الرقمى منظوم كالتالى :
أ (1) – ب (2) – ج (3) ………………… ى (10) – ك (20) – ل (30) ………………….. ق (100) – ر (200) – ش (300) …………………. غ (1000)
ولعل القارىء قد لاحظ أن المتسلسلة أنتهت عند 1000 (بالضبط) بخلاف بقية اللغات ولذا فالعربية ربما لا تكون أول الأبجديات ولكنها أول الأبجدية التامة (هذا الأمر ليس له مماثل فى اللغات الأخرى)
وبهذا ومنذ وضعت الأبجدية العربية ومعادلها الرقمى فأنه يمكن تحويل أى كلمة أو جملة طالت أو قصرت إلى رقم يعادل مجموع الأرقام المناظرة لحروف هذه الكلمة أو الجملة …. وكان هذا المجموع يسمى جُمّل
فمثلاً كلمة برق هى (ب ر ق تعادل 2 +200+100= 302 ويقال جُمّلها 302) وكلمة رعد ( ر ع د نعادل 200 + 80 + 4 = 284) وهكذا
المذهل أن العرب أستخدموا الجُمّل ( تحويل حروف كلمة او جملة الى أرقام ) فى التأريخ بشكل لطيف وشيق جداً …. فمثلاً مات شاعر أسمه الدلنجاوى فكتب شاعر صديق له هذه الابيات
سألت الشعر هل لك من صديق … وقد سكن الدلنجاوى لحده
فصـــاح وخـر مغشيـاً عليـــه … وأصبح راقداً فى القبر عنده
فقلت لمن قال الشعر أقصر … لقد أرّخت : مات الشعر بعده
(لقد أرّخت) سجلت تاريخاً ، ثم بعدها (مات الشعر بعده) فيكون حساب جُمّل هذه العبارة كالتالى :
م(40) + أ(1) + ت(400) + أ(1) + ل(30) + ش(300) + ع(70) +ر(200) + ب(2) + ع(70) +د(4) +هـ(5) = 1123 … فيكون عام 1123 هو تاريخ وفاة الشاعر الدلنجاوى !!
ولم يكن غريباً أن هذا الأمر موجود فى القرآن بأعتبار أن لغة القرآن هى اللغة العربية
بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ [الشعراء : 195]
قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [الزمر : 28]
ومع تطور الكمبيوتر خلال ال 50 عام الماضية وبسرعة مذهلة أستحدثت مجموعة من البرامج التى تعمل على البحث والإحصاء فى القرآن الكريم ، وبدا الباحثون بحث آيات القرآن من خلال مدلول الحروف والكلمات القرآنية الرقمى فإذا بهم يجدون أمامهم إعجاز لغوى مذهل
وإذا بـ (جُمّل) الكلمات القرآنية يزيد الأمر إعجازا فوق الإعجاز … وإذا بـ (أبجد هوز) التى هى ثمانية وعشرين حرفاً تصبح ما لا يمكن تصوره ولا تخيله …
ومثال لهذا الأعجاز الرقمى أن سورة الكهف سميت بإسم أصحاب الكهف وجاءت قصتهم ابتداءا من الأيه …. أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَباً [الكهف : 9]
وتنتهى القصة بالآية …. قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً [الكهف : 26]
أى أن قصة أصحاب الكهف تقع فى القرآن فى (18) آية والعجيب أن سورة الكهف هى السورة (18) فى ترتيب سور المصحف … ثم نعلم أن أصحاب الكهف لبثوا فى كهفهم 309 سنة
وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً [الكهف : 25]
المعجز أنك لو بدأت من الآية (9) مع بداية قصة أصحاب الكهف العد التدريجى للكلمات لوصلت إلى كلمة رقم 309 فإذا بها كلمة (ثلاث) من قوله (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ ) أى أن الكلمة فى هذه قصة اصحاب الكهف تعادل سنة هجرية
علينا أن نفحر بلغتنا العربية … أننا أمام بحور وبحور من العلم الذى كلما عرفنا منه أدركنا أننا لازلنا نقف على شواطئه … ربما وبدون مبالغة فما بين أيدينا من كتاب الله وآياته هو بالمعنى الكامل – ما لا نهاية – من العلم
التعليقات مغلقة.