من هو أبو الدحداح
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
هو ثابت بن الدحداح بن نعيم بن غنيم بن إياس حليف الأنصار ويكنى أبا الدحداح وأبا الدحداحة ، شهد أحدا فلما رأى انكشاف المسلمين وسمع منادي المشركين يدعي قتل محمد صلى الله عليه وسلم فقال: ” يا معشر الأنصار إن كان محمد قتل، فإن الله حي لا يموت فقاتلوا عن دينكم ” وقاتل ببسالة وشجاعة نادرة فحمل عليه خالد بن الوليد ، ولم يكن قد أسلم بعد ، بالرمح فأنفذه فوقع جريحاً واستشهد من كان معه من الأنصار.
ثم برئ من جراحاته ومات على فراشه سنة 6 هـ بعد مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية ، فهو أبو الدحداح، وقيل ، أبو الدحداحة بن الدحداحة الأنصاري مذكور في الصحابة ، وقال أبو عمر ، لا أقف على اسمه ولا نسبه أكثر من أنه من الأنصار حليف لهم ، وقيل: ثابت بن الدحداح، هو أبو الدحداح الأنصاري.
وعن عبد الله بن مسعود قال لما نزلت هذه الآية: ( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ ) سورة الحديد ، وقال أبو الدحداح الأنصاري: وإنَّ الله ليريد منا القرض، قال: “نعم يا أبا الدحداح”، قال: أرني يدك يا رسول الله، قال: فناوله رسول الله يده، قال: فإني قد أقرضت ربي حائطي، قال: وحائطه له فيه ستمائة نخلة وأم الدحداح فيه وعيالها، قال: فجاء أبو الدحداح فنادى: يا أم الدحداح، قالت: لبيك، قال: اخرجي من الحائط فقد أقرضته ربي.
وفي رواية أخرى أنها لما سمعته يقول ذلك عمدت إلى صبيانها تخرج ما في أفواههم وتنفض ما في أكمامهم فقال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: “كم من عذق رداح في الجنة لأبي الدحداح”.
وعن أنس أنَّ رجلاً أتي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله: إن لفلان نخلة وإن قوام حائطي بها، فأمره أن يعطيني إياها حتى أقيم بها حائطي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أعطها إياه بنخلة في الجنة”، فأبى فأتى أبو الدحداح الرجل، فقال: بعني نختلك بحائطي ففعل، فأتى أبو الدحداح النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله: إني ابتعت النخلة بحائطي، فاجعلها له فقد أعطيتكها .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “كم من عذق رداح لأبي الدحداح في الجنة”، قالها مرارًا فأتى أبو الدحداح امرأته فقال: يا أم الدحداح اخرجي من الحائط، فقد بعته بنخلة في الجنة، فقالت: ربح البيع، ربح البيع، أو كلمة تشبهها.
وروى البخاري ومسلم ان فتى يتيماً من الانصار كان له بستان ملاصق لبستان رجل منذ سنين وحينما اراد الفتى ان يبني جدار يفصل بينه وبين هذا البستان اعترضته نخلة
فذهب الى صاحب البستان المجاور قال “يا اخي انت عندك نخيل كثير فلا يضرك ان تعطيني هذة النخلة التي اعترضت الجدار” فقال صاحب البستان ” لا والله لا اعطيك النخلة” ، فقال له ” يا اخي ما يضرك ، اعطني النخلة او بعني اياها” .
فقال له “لا والله ما افعل شيئا من ذلك” ، فقال له الفتى “يعني لا اقيم جداري؟ ” قال ، ذلك امر لك وليس اليّ ، فذهب اليتيم الى النبي فقال ” يارسول الله ان بستاني بجانب بستان فلان واني اردت ان ابني جدار فاعرضتني نخلة له لا يستقيم الجدار الا اذا كانت من نصيبي لكنها من نصيبه وقد سألته ان يعطيني اياها فأبى ، يا رسول الله اشفع لي عنده ان يعطيني النخلة
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ادعه ليّ” ، فذهب الفتى اليه وقال له ان رسول الله يدعوه ، فلما جاء الي النبي عليه الصلاة والسلام قال له الرسول ” قد كان بستانك بجانب بستان صاحبك واراد اليتيم ان يبني جدار يفصل بينه وبين بستانك فاعترضته نخلة من نصيبك ” قال” نعم” ، فقال” اعطي النخلة لاخيك….. قال “لا” ، قال” اعطي النخلة لاخيك”…… قال “لا” ، قال” اعطي النخلة لاخيك”…..قال “لا” .
فقال له “اعطي النخلة لاخيك ولك بها نخلة في الجنة”……فقال “لا” فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ماذا يقول له بعد ذلك ، وكان مع النبي وقتها كثيرمن الصحابة ومنهم ابي الدحداح ففكر نخلة في الدنيا تموت اليوم او غدا بنخلة في الجنة منها طوبي يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها ، ثم قام وقال ” يا رسول الله ارأيت ان اشتريت النخلة هذة ثم اعطيتها للفتى ايكون عندي نخلة في الجنة ؟ فقال “نعم” .
وبدأ ابو الدحداح يفكر فيما عنده من الاموال يستطيع بها ان يغري صاحب النخلة ليستخرجها منه الى ملكه ثم يعطيها الى الغلام فتذكر بستانه الذي يتمناه اكثر التجار بستان فيه 600 نخلة ، وبئر ، وبيت فقال ابو الدحداح لصاحب النخلة “اتعرف بستاني الذي في المكان الفلاني؟” ، قال”نعم …وهل يجهله احد ، قال له خذ بستاني كله واعطني النخلة .
فنظر الرجل الى ابي الدحداح ثم التفت الى الناس فهم يشهدون على ذلك فقال “نعم ، اخذت البستان واعطيتك النخلة ” فالتفت ابو الدحداح الى الفتى اليتيم وقال له ، النخلة مني اليك خذها واذهب ، ثم التفت الى رسول الله فقال ” يا رسول الله الان عندي نخلة في الجنة ؟” فقال صلى الله عليه وسلم “كم من عذق رداح لابي الدحداح في الجنة ، كم من عذق رداح ، ملئ بالثمار ، لابي الدحداح في الجنة ” .
ثم ذهب ابو الدحداح الى بستانه حتى يُخرج منه بعض اغراضه حتى وصل الى باب البستان فسمع صوت زوجته واولاده يلعبون داخل البستان فأراد ان يدخل فما تحملت نفسه ذلك ، كيف يقول لهم اخرجوا الان ، وما عندنا بستان ، فما استطاع ان يُخبرهم بان البستان الذي ظل يجمع الاموال لشرائه طوال تلك السنين ذهب في طرفة عين .
وصاح باعلى صوته وهو في الخارج وقال” ياام الدحاح” فقالت له “لبيك يا ابي الدحداح” فقال ، اخرجي من البستان ، قالت ، اخرج من البستان ، قال “نعم لقد بعته” ، قالت “بعته بعت البستان با ابا الدحداح ، بعته لمن؟” قال “بعته لربي بنخلة في الجنة” .
قالت ، الله اكبر ، ربح البيعُ يا ابا الدحداح ، ربح البيعُ يا ابا الدحداح ، ثم اخذت اطفالها تخرجهم فلما وصلوا الى باب البستان فتشت جيوبهم فمن كان معه شئ من تمر اخذته منه ووضعته في البستان و قالت “هذا ليس لنا ، هذا لله رب العالمين” ، وحينها اخذ احد اطفالها الصغار تمرة ووضعها في فيه ففتحت فمه واخرجتها ووضعتها وقالت “هذه ليست لنا ، هذة لله رب العالمين” ثم خرجوا من البستان .
أخرج أبو نعيم من طريق فضيل بن عياض، عن سفيان، عن عوف بن أبي جحيفة، عن أبيه أن أبا الدحداح قال لمعاوية: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من كانت الدنيا همته حرم الله عليه جواري، فإني بعثت بخراب الدنيا، ولم أبعث بعمارتها” .
وروى الواقدي عن عبد الله بن عامر قال: قال ثابت بن الدحداح يوم أحد والمسلمون أوزاع: “يا معشر الأنصار إليَّ إليَّ، إن كان محمد قد قتل فإن الله حي لا يموت، فقاتلوا عن دينكم”، فنهض إليه نفر من الأنصار؛ فجعل يحمل بمن معه، وقد وقفت له كتيبة خشناء فيها خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعكرمة، فحمل عليه خالد بن الوليد بالرمح فأنفذه فوقع ميتًا وقتل من كان معه.
وشهد أبو الدرداء أحدًا وقتل بها شهيدًا طعنه خالد بن الوليد برمح فأنفذه وقيل: إنه مات على فراشه مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية ، ولما توفي دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عاصم بن عدي فقال: “هل كان له فيكم نسب؟”، قال: لا، فأعطى ميراثه ابن أخته أبا لبابة بن المنذر.
وأنه يكنى أبا الدحداح وأنه مات في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فبنى أبو عمر على أنه هذا، والحق أنه غيره ، وهذا ينبغي أن يكون لثابت، فقد تقدم في ترجمته أنه جرح بأحد فقيل: مات بها، وقيل: عاش ثم انتقضت فمات بعد ذلك بمدة، وهو الراجح.
التعليقات مغلقة.