” أبو زُريق ” قصة قصيرة بقلم / محمد الأمين محفوظ.
يُحكى أن :
شابا من أهل القرية قد تزوج وبعد سنة بالتمام رُزق بمولود أسماه « زُريق»… ترعرع مدللا من أبويه ثم تفرع وقد نما شاربه فاعتني بتربيته حتى تمكن من أن يبرمه…
مات أبوه وماتت أمه مريضين…
..
صار زريق وحيدا… باع دار أبيه وتسلم الثمن… استأجر دارا أقصى القرية بعيدا عن صخبها ورعاعها كما أذاع هو…
..
لا يُرى زريق في حواري القرية إلا لماما فكثيرا ما يهجر سكنه وإذا ظهر ظهر بمفاجأة غير معهودة إذ غيّر جلبابه بلون وطراز غير ما كان…
ومن غريب أطواره أنه إذا ما صادف_ يوما_ خناقة بين رجلين جارين على خلاف أسبقية الرّي تكلم مع أحدهما بصوت والثاني بصوت غير… وما يلبث أن يختفي حتى يبلغ حال الخلاف من مَكلَمة إلى إصابة أحدهما بجرح غائر في الرأس…
..
يغيب عن الأنظار وقد يشتاق إلى الدار وما حولها من أشجار كثيفة متداخلة متشابكة… يعود ليلا ليغشى القرية… يجول فيها جولة
ثم يعود سريعا إلى الدار ليفيق مبكرا قبل الشمس…
..
يتفاجأ به شعب القرية ماشيا بخطى حثيثة وقد لبس جلبابا أسود… يسألوه عمّا جرى إذ ارتدى الحِداد… أشاح بوجهه ثم أجاب بصوت يتهدج : أغاروا على سكني وسرقوا متاعي حتى سريري وبطاطيني… حزن ناس على انكساره وقد التأم رأيهم على تعويضه…
..
اجتمع له في سكنه الأقصى ما لم يكن في إمكانه ولا حُسبانه حتى الدش والشاشة… بعد أن أتموا عليه النِعم اختفى عن العِيان…
..
شهر مضى وقد رأوه ماشيا بخطى وئيدة في جلباب أصفر فاقع… ألقى عليهم السلام بلكنة
غريبة… فما كان منهم إلا الرد ولم يسألوه مللا واستغرابا عن غياباته ولا إلى أين يرتحل وقد خشوا أن يأتيهم بحداد جديد ويجمعوا له…
..
سأل ناس من القرية شيخ الجامع وقصوا عليه الحيرة في أمره وأطواره… قال الشيخ : دعوني ولو ليلة وأفتيكم…
فاتت ليلة…. صارت ليالي… امتنع الشيخ عن الفتوى…
..
توجه وفد من القرية صوب سكنه الأقصى فلم يجدوه…. اللهم إلا شجرة كافور عتيقة قد سقطت على داره
فصارت أثرا بعد عين.
التعليقات مغلقة.