أبي لن يعود . بقلم.سلمى الاسعد

أبي لن يعود . بقلم.سلمى الاسعد

استيقظت الطفلة على صوت امرأة تصرخ تحت البيت:(أحمدقتل) وهرعت الأم لتعرف من أحمد، فإذا هو الزوج الحبيب. رأت الطفلة نفسها تركض وراء أمها. شاهدت والدها الشاب مسىجّى في المستشفى جثة هامدة. ركضت مرة أخرى. رأته على السرير مغطى بدمائه فاتحاً عينيه. تراه ينظر إليها أو إلى قاتله الذي كان آخرشخص شاهده؟ لاتدري ولكنها أيقنت أنها أصبحت يتيمة.
قالوا لها سيعود. إنه ذاهب إلى الحج. ومرت مواسم كثيرة للحج، وعاد الحجاج جميعاً في كل موسم وهو لم يعد.
هي كانت تعي أنه لن يعود، وأن من وضع في النعش لا يستطيع الرجوع. لأنه ذهب إلى عالم آخر ولن يعود أبدا.
كانت الأم الصبية الجميلة توقظ بناتها الثلاث صباح العيد من أجل الذهاب إلى الَمقبرة ووضع الآس على قبره. كانت تجلس قرب القبر وتبكي وتناديه:أحمد أحمد. وما من مجيب. كانت تبكي وتُبكي الطفلات الثلاث ثم تقرأ الفاتحة وما تيسّر من القرآن الكريم، ثم تدعو له سائلة الله أن يرحمه ويجعل الجنة مأواه.
ثم تغادر مع الطفلات الثلاث وتشتري لهن الكعك من البائع عند باب المقبرة.
ويمضي العمر على هذه الحال. ويعود الحجاج إلى بيوتهم وأهاليهم إلّا هو فهل ستحدث المعجزة وينشقّ القبرُ عنه ويخرج منه ليقبِّلهنّ ويحضنَهنّ وتفرح الأم وتخلع ثيابَ الحداد؟
ومع مرور السنين اعتادت الأم والبنات على هذه الحال. وصارت قصة الرجوع خرافة وفي غياهب النسيان.