أثيرالعطر
حنان العشماوي
تسابق ذكرياتي بعضها بعضاً تتشارك جميعها في صفة وحيدة
العطر
منها ما يترك أثراً غائمًا غير واضح ومنها ما لا يفارق عبيره النفس مهما طال الزمن
كلعبة على شكل عروس قطنية صغيرة على هيئة راقصة باليه
لا تتعد كف الايد الواحدة حجماً ، مجعدة الشعر ابرز مافيها رائحة تشبه رائحة الحلوى أو ممحاة للأقلام الرصاص على هيئة الحيوانات الأرنب ، القطة ، الدب كل منها بها اعين صغيرة تتحرك أكثر ما يميزها رائحة عطرية مميزة لا تُخطئها الأنف انتظرها في بداية كل عام دراسي مع الاقلام الرصاص الجديدة
مرت الايام وكبرنا فأصبحت رائحة عطر أمي هي ما تثير في نفسي الراحة والهدوء واختلفت العطور فهذا عبق الياسمين وآخر عطر الورد
وتناوبت على التسريحة او طاولة التجميل مختلف العطور الباريسية والعربية
وظللت أنا أحيا وأتنفس عطرها
حين تزوجت كنت اتمنى ان املأ البيت بالشموع العطرية التي أجدت صناعتها والابتكار في عبيرها وألوانها
فجأة
رحلت أمي ولم أجد بعدها سلوى في عطور الدنيا على اختلاف أنواعها وارتفاع قيمتها
اختفى العطر من الدنيا ورحلت معه السعادة ومعهما اختفت الابتسامة وراحة القلب وأنفراج الوجه وبهاءه
إنتشر الغبار مثيراً كافة انواع الهموم والشكوى
إختفت الشمس ورحلت النحلات عندما لم يبق في الأزهار عبير او رحيق
تُرى أكانت الرائحة هي عبير الحياة في الكون وغابت حينما نفث الشيطان أنفاسه في صورة غيرة وغضب وحقد سرى في الهواء فعبأ قلوب الخلائق بالشرور
أنساهم عطر الطيبة وأثير المحبة وجمال عبير السماحة
ربما لم تكن العطور هي سر السعادة
بل الطيب من النفس هو اصل العبير كله
طابت أنفاسكم أمي وأبي أحياءً وأموات وجعل من طيب أنفاسنا عطوراً لمن يحل بعدنا
اسعد الله مساء احبتي بعبير الخير في كل الدنيا
التعليقات مغلقة.