موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

أجمل الهدايا… هبة صبحي البدوى

387

“أجمل الْهَدَايَا ”

قِصَّةً قَصِيرَةً بِقَلَم د . هِبَة صبحى البدوى

فِى لَيْلَةٍ مِنْ ليالى رَمَضَان
غَلَبَنِى الشَّوْق لِصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ فِى الْمَسْجِدِ .
لَكِنْ كَيْفَ وَأَنَا أَقُوم بترويض قردتين صَغِيرَتَيْنِ لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرف عَيْنَىّ عَنْهُمَا . فَهَاتَان البِنْتَان أَصْبَحَتَا كنتوئين مُلْتَصِقَيْن بِى . إحْدَاهُمَا قَارَبَت الْعَامَيْن وَالثَّانِيَة قَارَبَت الْعَامّ .
لَكِنِّى حزمت أَمْرَى وارتديت عباءتى وَحَمَلت هَذِه الْحَقِيبَة الضَّخْمَة الَّتِى تَحوَّى نُسْخَة مصغرة مِنْ الْمَنْزِلِ بِهَا الْمَلْبَسِ وَالْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَب وَبَعْض الألْعاب. تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ وحملتهما وَطَرَقَت بَابِ اللَّهِ آملة أَنْ يُسْمَحَ لِى بِالدُّخُول .
روْح الْمَسْجِد وَارْتِفَاع السَّقْف الَّذِى يَسْمَح لروحك بِالسِّبَاحَة فِى بَحْر التَّسَابِيح . وَصَوْت الْإِمَام الْعَذْب الَّذِى يملؤك خُشُوعًا ويسمح لِقَلْبِك بالذوبان فَتَخْرُج مِنْه كَافَّة الْأَضْغَان وَالْهُمُوم. و أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ هَذِهِ الْأَحْجَار الجاثمة عَلَيْهِ. ويبث لِلَّه شَكْوَاه ودعواته وَيَعُود مَحْمَلًا بشحنات مِنْ الطَّاقَةِ تَكْفِيه لَأزِمَان .
ومِمَّا زَادَ اِرْتِيَاح قَلْبِى أَنِّى كُنْتُ أَحْمِل نوراى الصَّغِيرَة فِى حضنى وَأَنَا أَقِف وَأَرْكَع وَاسْجُد. لَمْ تَكُنْ لتتركنى دُونَ أَنْ تَمارَس طقوسها لِلَّعِب وَأَنَا أُصَلِّى . وَإِذَا بِهنَا تُشِيرُ إلَى فِى حَيَاء وَبِصَوْت مُنْخَفِض جِدًّا أَنَّهَا جَائِعَة. فَنَاوَلْتُهَا قِطْعَة مِنْ البسكويت . وأجلست نوراى بجوارها لِتَأْكُل مَعَهَا وَأَشَرْت إلَيْهِمَا بوضع إصبعى عَلَى فمى أَنَّنَا فِى بَيْتِ اللَّهِ وَيَجِبُ أَنْ نُحْسِن التَّصَرُّفِ وَأنْ نَأْكُلَ بِنَظَافَة .
ثُمَّ وَقَفَ الْإِمَامُ لِيُكَمِّل الصَّلَاة فَوَقَفْت . وَقَدْ أَطَالَ الْقِرَاءَةَ وَزَادَ فِى إمْتَاعٌ الْقَلْب وإراحته . وَبِمُجَرَّد إنْ سَلَّمَ بَعْدَ هَذِهِ الرَّكْعَةِ
أفقت عَلَى صَوْت إحْدَى النِّسَاء الَّتِى أمطرتنى بِوابِلٍ مِنَ التَّوْبِيخ لأَنِّى لَمْ اِحْتَرَم الْمَسْجِد وَأَفْسَدَت عَلَى المصليين صَلَاتهُم بإحضارى لِهَاتَيْن الفتتاتين . لَا وسمحت لَهُمَا بِالْأَكْلِ أَيْضًا فِى الْمَسْجِدِ. وَأَنَّى يَجِبُ أَنْ آخَذَهُمَا وأعود إلَى بَيْتِى وَألَّا آتَى بِهِمَا مَرَّةً أُخْرَى .
كَم اعْتصر قَلْبِى مِن أذاها وناجيت اللَّه
” اللَّهُمَّ إِنِّى فِى ضيافتك فَلَا أَخْرج مِنْ بَيْتِكَ مطرودة” .
وَإِذَا بِى أَسْمَع صَوْتَهَا تَضْحَك وَتَقُول لزميلتها: هَذَا الْإِمَامِ سَيَخْرُج أرواحنَا قَبْلَ أَنْ يُكْمِلَ الصَّلَاةَ . مَا أَطْوَلَ قَرَآته !
يكْفى ماصلينا . وَخَرَجَتَا مسرعتين مِنْ الْمَسْجِدِ كالهاربتين مِنْ الْأَشْغَالِ الشَّاقَّة .
وَلِلَّهِ الْحَمْدُ أَكْمَلْت أَنَا الصلاوات . وَقَد نَامَت نوراى عَلَى رجلٍ هنَا . وَأخذَت تَمْسَحُ عَلَى شَعْرِهَا وتربت عَلَى كَتِفِهَا . وَكَأن رَوْح الْخُشُوع فِى الْمَسْجِدِ قَدْ ألبستهما ثَوْبًا مِنْ الهُدوء و السَّكِينَة .

أَنْهَيْت صَلاَتِى ومازال فِى الْقَلْب غُصَّة مِنْ تَعْنِيفِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ .

وَإِذَا بِوَجْه صَبُوح يَطُلْ عَلَى . وَيَد حانية تَمْتَدُّ إلَى بِالسَّلَام .

تَقُول : أَنَا إيمَان عِنْدِى طفلتين فِى نَفْسِ عُمَرَ بَنَاتِك تَقْرِيبًا حَبِيبَة وَسَلْمَى . نَحْن حَدِيثِى عَهْد بهذى الْبَلَد . فَهَلْ مِنْ الْمُمْكِنِ أَنْ نَكُونَ أصْدِقَاء ونهون عَلَى بَعْضنا هَذِهِ الْغُرْبَةَ ؟ .
لَقَد أطْلقَت فِى قَلْبِى وابِلاً مِنَ الزغاريد بكلماتها . . . أَخِيرًا سيصبح لِى صَدِيقِة فِى هَذِهِ الْغُرْبَة الْخَرْسَاء . أَخِيرًا سَأجِد مِن يبادلنى الْأَحَادِيث والزيارات .
مَدَدْت يَدى إلَيْهَا لأصافحها . وَقَد امْتَدَّ مِنْ قَلْبِى لِقَلْبِهَا حَبْلٌ مِنْ الْوِدِّ لَمْ يَزَلْ مَوْصُولًا وسيظل لِيَوْم الدِّينِ إنَّ شَاءَ اللَّهُ . وَكَم كَانَتْ لَنَا ذِكْرَيَات مِنْ الْأَفْرَاحِ وَالْآلَام . وَزَادَت صديقاتنا . وأمضينا عَمْرًا مَعًا .
ثُمَّ قَدَرَ اللَّهُ تَفَرّقْنَا فِى الْبِلَاد . لَكِن مَكَانَهَا فِى الْقَلْب مَحْفُوظ . فَقَدْ كَانَتْ رَحْمَة مِنْ اللَّهِ . أَرْسَلَهَا إلَى وَكَأَنَّه سُبْحَانَهُ يَقُولُ لِى : “لن تخرجى مِن بَيْتِى مَطْرُودَة بَل ستخرجى وَمَعَك هَدِيَّة منى”
مَا أَكْرَمَكَ يَا اللَّهُ ! فَقَدْ كَانَتْ أَجْمَلَ الْهَدَايَا .

التعليقات مغلقة.