“أدب المقاومة ” قصة وطن – الجزء الثاني بقلم/ دكتورة وجيهة السطل
هل لأدب المقاومه سماتٌ تميّزه؟
قد نتساءل، هل لأدب المقاومة سمات عامة تميّزه، مهما اختلف الوطن المقاوِم جغرافيًّا ؟؟أم أن للأدب المقاوِم في فلسطين بالذات سَمْتُه وطعمه وخصوصيته؟
إننا نجد أن هناك قاسمًا مشترَكًا أعظم يربط بين الآداب العالمية التي تسطِّرها مقاومةُ أبنائها، فتؤرِّخ لها، وتوثّقها إبداعًا؛ وهو الحس الإنساني بحب الوطن، و قسوة الاحتلال وثِقَله على نفوسِ أبناء الأرض. وهذا عامٌّ بين جميع الشعوب الباحثة عن الحرية والاستقلال.
لكنّه يبقى لكلِّ أدب خصوصيَّتُه في تنوّعِ أسلوب الاحتلال وشكله وظلمه؛ وبخاصّة إذا تخلَّله خروج عن القيم الإنسانية،
والقوانين التي أقرّها المجتمع الدولي،في التعامل مع الشعوب المحتلة؛من قتل وتشريد وتهجير ونفي واعتقال. كما يبقى لكلِّ إبداع خصوصيّتُه في رائحة الوطن التي تعبَق من ثقافة المبدع. وتحكُمها موروثاتُه الفكريّة والاجتماعيّة. وأبجديَّته اللغوية، من ألفاظ وصور بلاغية،وما ترسمه ريشته من مساحات وتضاريس،تمثل الوطن.
وتمثل تلك الموروثات االخلفيات الذهنية. وتحمل طعم الوطن. فيستشعرُ القارئ المكان والزمان من الألفاظ والمشاهد الواردة في النص.بمعنى أننا نستطيع معرفة البلد الذي ينتمي إليه النص الأدبي دون أن يقال لنا: هذا أديب جزائري، وهذا فلسطيني،وهذا من جنوب إفريقيا، أو من أمريكا اللاتينية؛ لأنه يحمل رائحة الأرض، وشخصيّة الوطن المرسومة عبر التاريخ.
وتبقى للتجربة الفلسطينية سماتها الخاصة التي تُضاف إلى ما يحمله أدب المقاومة عمومًا من صمود وإصرار، وتحدٍّ دائمٍ للمحتل، ووعيٍ كامل بحقِّ المواطن في الحرية، وحقِّ الوطن في التحرُّر والاستقلال.
فإن معاناة الشعب الفلسطيني تختلف عن معاناة بقية الشعوب المحتلة. فأولئك يحاربون محتلّا لبلادهم على أرضهم التي يعيشون فيها، ويعترف العالم بملكيتهم لها وانتمائهم إليها. ولكن الشعب الفلسطيني اقتُلع من أرضه قسرًا،واغتصب وطنه، وانتزعت منه ملكيته والانتماء إليه، بل وحق العودة ثانية إليه.. وقُذِف في العراء والشتات.
أو سُلِبت منه هُويَّتُه وجنسيّتُه وصار يلبس جلدًا مقيتًا ويحمل جنسية فرضت عليه. وكان هذا حالُ الكثيرين من شعب فلسطين الذين ظلُّوا في الأرض. فحمَّلوهم الجنسيّة الإسرائيييييلية، وعاملوهم بعنصرية شديدة عنيفة. وهم عرب الأرض المحتلة في المساحة الجغرافية التي يشغلها الكيان الصhyوني، ومنهم أكثر من 90% من دار السطل، أسرتي التي أعتز بها وبمقاومتها إلى اليوم كلُّ بطريقته الخاصة. وكانت أرض فلسطين من الضفة الغربية وقطاع غزة تمثّل القسمة التي قسمتها عصبة الأمم المتحدة عام 1948م عندما حكمت بتقسيم فلسطين التاريخية،بين الصhaye نة المغتصبين، وأصحاب الأرض الحقيقيين.
ولكنها لم تستقلّ بشعبها دولة على أرض الواقع، فكانت الضفة تابعة لإدارة الأردن، وقطاع غزة تابعًا لإدارة مصر.٠ ثم انتُزِعت كلتاهما في نكسة 1967م .
ولم يفعّل قرار الأمم المتحدة بإنشاء دولة فلسطين المستقلة من الضفة والقطاع وعاصمتها القدس الشرقية حتى اليوم.
وهذا هو بيت القصيد في المقاومة والنضال الذي رفعت وتيرته وحِدّته إssراeeل بحكومتها اليمينية المتطرفة منذ عام 1910م فاغتصبت الوطن ثانية بصورة أخرى بأن بنَتْ المستوطنات بين بيوت الفلسطينيين ،بل اقتلعتهم من بيوتهم ثانية، وهدمتها، وبنت مكانها بيوتًا للمستوطنين. وطردت أصحابها خارج الوطن.
ثم حاصرت غزة من البر والبحر والجو ،وتحكّمت في أقوات شعبها وأرزاقهم وأموالهم.حتى طفح الكيل وبلغ السيل الزّبى!!!
واعذروني فهذا حديث سياسي،لابد منه، اعترض حديثي عن أدب المقاومة. فرضه الأمر الواقع الذي يحيط بنا منذ أكثر من شهرين في حرب غزة المقاوِمة الباسلة، التي شرُفت إلى اليوم بجبلٍ شامخٍ من الشهداء،وعشرات الآلاف من الجرحى والمصابين.
وقد تجاوب الشعر مع الحس الوطني منذ بدايات النكبة وحتى يومنا هذا، بوصفه سلاحًا نفسيًّا من أسلحةِ المقاومة.
ولا ننسى ما نُقل عن أنّ موشي ديان قال يومًا: إنّ قصيدةً تنظمها الشاعرة فدوى طوقان كفيلةٌ بتجنيد عشرة فدائيين.
ولم تكن القصة والرواية والقصة القصيرة جميعُها بأقلّ من الشعر تأثيرًا وأهمية. فقد اشعلت تلك الإبداعات النثرية بصورها المختلفة الحميّة والمشاعر، وجنَّدتِ الأطفال الذين ولدوا من رحم المأساة، وعايشوها بكل ما فيها من ضغوط؛ فاستطاع المبدع منهم حين كبر ونضج، أن يعبّر عنها بصدق وأمانة، وأن يؤجّج بالشكل الإبداعي الذي اختاره مشاعر القرّاء. ويسطر ملاحم المعاناة والنضال.
وللحديث بقية ..
إن كان في العمر بقية فانتظروني
التعليقات مغلقة.