أدران الشرود قصة قصيرة بقلم محمد مندور متولي
وكنت أقلهم إبداعا، وفي أعين الرائين تبجيل لا أظنه لي، هذا لأني أعرف نفسي جيدا، فهذه المرة أجدني بعيدا عن الروح المحلقة ربما تصفيقهم يخص آخر اقتحم المجلس بتزامن قدري عند انتهائي، الالتفاتة المفاجئة أثناء إعلان الترحيب به، ازداد معها التصفيق قوة وذهبت أجر قدمي إلى مقعد ألفني أنظر من شباك يجاوره إلى نوافذ من نور حان وقت إغلاقها، يهطل ظلام على سائر يتبع كشاف تبغه، أسحب معه أدران الشرود، وتكابدني الحاجة إلى حضن يلملم ما تبقى من خيالي كي ألفظ واقعي الجريح الذي ينزف على أسطر سوداء….
أتأمل ثقل خطواته، غربته بين الأرصفة المتثقة بوحدتي المبعثرة، أنفث معه الألم الذي يتصاعد ملتويا فتتحدد ملامحه بدخان في هيئة أنثى تضيء بعض عتمة، يزداد بجمالها وهج الليل، تلتف بانسيابية حول عنقه فوجهه فرأسه المغيبة، ينتبه لمثولها حينا، ويقف متأرجحا بين متابعة سيره والانصهار في همسها الذي جذبني أن أقرأه بحركة من فمها: أفضلهم أنت.
بين عقلي وعقله حالة من ذهول ركضت بائنة على وجهينا نتساءل سويا عن سبب جملتها، تبخرت بنفس عميق خرج من صدره ودعته مع ترديد ” أفضلهم أنت ” تزيد الجملة وتنقص بتتابع في أذنيه إلى سماء تمطر تنظف الهواء بعد تلاشيها وأنا أرسم مشاهدتها معه في خيالى والقطرات تغطي زجاج الشباك الذي اختفى خلفه السائر، اشتد التصفيق أكثر لمن دخل القاعة بعدي يشعل سيجارته ليتلذذ بفيضان قريحته وآيات الإعجاب تنطلق من فم جميلة تجلس في مواجهته.
التعليقات مغلقة.