أسرة و مجتمع: عقوق من نوع جديد بقلم د. صبحي زُردُق
عقوق الوالدين اصطلاحاً هو فعل كل ما يوجب أذية للأبوين شفقة عليه، وهو من الكبائر، وليس العِبرة بإطاعتهم وعدمها، بل العِبرة بكل ما أوجب أذية فيحرم، وإلا فلا ..
و من خلال المترددين على عيادتي لاحظت تزايد نوع جديد من أنواع العقوق ، و ذلك عندما يموت الأب ، و تتزوج الإناث ، ثم يتزوج الذكور و يرحل كل منهم مع زوجته في وحدته السكنية الخاصة تاركين الأم المُسنة وحيدة كئيبة فى منزلها ، لا يخدمها أحد ، و لا يباشرها أحد ، و لا يغسل ملابسها أحد ، و لا يطبخ لها أحد ، بالرغم من أنها في ذلك العمر المتقدم في أمس الحاجة للرعاية لذا قال تعالى ( إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) الإسراء .. ففى هذا العُمر غالباً ما تكون الأم مصابة بأمراض عديدة مثل أمراض القلب ، و خشونة الركبة ، و هشاشة العظام ، و داء السكري، و ضغط الدم المرتفع ، و شيخوخة الدماغ ( الزيهايمر) ، و الشلل الرعاش ..
و إني لأتعجب : ما هذا الجحود ؟ ما هذه القسوة ؟ ..
و إني لأتسائل : بأي ذنبٍ تلك الأم أُهملت ؟ بأي ذنبٍ هُجرت ؟
هل لأن زوجها قد مات قبلها فغاب عنها من كان يدافع عنها و يأخذ لها الحق ، أم لأن الأبناء قد سيطر عليهم حب الدنيا و حب الذات و حب الزوجات و الأولاد فقط فبخلوا على من حملتهم في بطنها تسعاً…
و أقول لمثل هؤلاء ..
أما تخافون أن يُرد لكم ذلك الدين عند الكِبر ، أين أنتم من ( وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ ) الإسراء ٢٣ .. وأين أنتم من موقف النبي – صلوات الله عليه -لمن أراد صحابي الجهاد معه فقال له : (ويحك، أحية أمك؟ قال: نعم يا رسول الله، قال: ويحك الزم رجلها فثم الجنة.) صححه الألباني..
لذا أقول لمثل هؤلاء و اللهِ ما فرطتم إلا في الجنة ..!!
التعليقات مغلقة.