أصل الاحتفال بعيد الأم وموقف الشرع منه
بقلم / محمــــد الدكـــرورى
إن عادة تخصيص يوم للأم هي من العادات القديمة التي ظهرت منذ آلاف السنين، وهي من العادات المُبتدعة المُخترعة، فالجميع يتفق على طاعة الأم وبرها ووجوب رعاية حقوقها وتكريمها، وهذا اليوم في الحقيقة يوم رائع ومميز لكن عادة تخصيص يوم للأم وتسميته بالعيد مخالفة للقرآن والسنّة ، لأن عيد المُسلمين عبارة عن عيدين فقط، الفطر والأضحى
ولا ثالث لهما، وذلك واضح عندما قَدِمَ رسول اللهِ محمد صلى الله عليه وسلم ، المدينةَ، ولأهلِ المدينةِ يَومانِ يَلعبونَ فيهما، فقال: ” قَدِمتُ عليكم ولكم يَوْمانِ تَلعَبونَ فيهما، فإنَّ اللهَ قد أبْدَلَكم يَوْمينِ خَيرًا منهما، يومَ الفِطرِ، ويومَ النَّحرِ” .
وقد كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حريصا على مخالفة عادات غير المسلمين من أهل الكتاب وغيرهم، حتى قال اليهود في عصر النبي محمد صلى الله عليه وسلم: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه. رواه مسلم.
ولذلك نقول ، إن تقليد غير المسلمين في عادة الاحتفال بيوم الأم لا يوافق المقاصد الشرعية، وليس هناك ما يدعو إليه، فهو من التقليد الأعمى ، وعندما اخترع الغرب عيد الأم قلدناهم في ذلك تقليدًاً أعمى، ولم نفكر في الأسباب التي جعلت الغرب يبتكر عيد الأم، فالمفكرون الأوربيون وجدوا الأبناء ينسون أمهاتهم ولا يؤدون الرعاية الكاملة لهن فأرادوا أن يجعلوا يوماً في السنة ليذكروا الأبناء بأمهاتهم .
وإن كل الأعياد التي تخالف الأعياد الشرعية كلها أعياد بدعٍ حادثة لم تكن معروفة في عهد السلف الصالح، وربما يكون منشؤوها من غير المسلمين أيضاً، فيكون فيها مع البدعة مشابهة أعداء الله سبحانه وتعالى ، والأعياد الشرعية معروفة عند أهل الإسلام، وهي عيد الفطر، وعيد الأضحى، وعيد الأسبوع “يوم الجمعة”
وليس في الإسلام أعياد سوى هذه الأعياد الثلاثة، وكل أعيادٍ أحدثت سوى ذلك فإنها مردودة على محدثيها وباطلة في شريعة الله سبحانه وتعالى، لقول النبي الكريم محمد الله عليه وسلم: ” من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد”، أي مردود عليه غير مقبول عند الله .
وإنه لا يجوز في يوم ” عيد الأم ” لا يجوز فيه إحداث شيء من شعائر العيد ، كإظهار الفرح والسرور، وتقديم الهدايا وما أشبه ذلك، والواجب على المسلم أن يعتز بدينه ويفتخر به وأن يقتصر على ما حده الله تعالى ورسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في هذا الدين القيم الذي ارتضاه الله تعالى لعباده فلا يزيد فيه ولا ينقص منه.
والذي ينبغي للمسلم أيضاً أن لا يكون إمعة يتبع كل ناعق، بل ينبغي أن يكون شخصيته بمقتضى شريعة الله تعالى حتى يكون متبوعاً لا تابعاً، وحتى يكون أسوة لا متأسياً، لأن شريعة الله والحمد لله كاملة من جميع الوجوه كما قال الله تعالى: ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً فمن اضطرّ في مخمصةٍ غير متجانفٍ لإثمٍ فإنّ اللّه غفورٌ رّحيمٌ ).
وعيد الأم هو احتفال سنوي يقام في تواريخ مختلفة في أنحاء مختلفة من العالم ، من أجل الامهات ولتكريمهن، ويكون الاحتفال بتقديم بطاقات المعايدة ، والزهور والهدايا للأمهات والزيارات ، ويعد الاحتفال بعيد الأم من الاحتفالات التي ظهرت في القرن العشرين، تكريما لدور الأمهات في تربية الأبناء وتأثيرهن في مجتمعاتهن
ويختلف تاريخ الاحتفال بعيد الأم من دولة إلى أخرى، إذ يصادف الاحتفال بعيد الأم في العالم العربي 21 مارس/آذار من كل عام ، وتعود فكرة الاحتفال بعيد الأم في الدول العربية إلى الصحفي المصري علي أمين، مؤسس صحيفة “أخبار اليوم” عام 1955.
وإن تاريخ الاحتفال بعيد الأم جاء من دول أوروبّا الغربيّة، فكانوا يخصّصون يومًا لإهداء الأمّهات وتقديرهم، وتاريخ الاحتفال بعيد الأمّ موروث من الإغريقيين فكان لهم احتفال مُخصّص بفصل الرّبيع ، وكان هذا لآلهة تُسمّى بالأم ” ريا ” وكانوا يُسمّون هذا العيد بهيلا ” ريا “
وكما أنّ فكرة الاحتفال بعيد الأمّ موروثة من الإنجليز أيضًا، فكانوا يُخصّصون للأمّ عيدًا ويُسمّونه بأحد الأمّهات حيث كان هذا الاحتفال مُخصّص فقط للسيده ” مريم ” أم المسيح عليها السّلام ، ثمّ تطوّرت الفكرة إلى تقديم الهدايا للأمّهات بعد عام 1600م بدون تخصيص يومًا مُعيّنًا .
ووفي الولايات المتحدة يعود تخصيص يوم للأم إلى المؤلفة الأمريكية جوليا وورد هاوي، التي اقترحت الاحتفال بهذا العيد في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1872، بهدف تمكين الأمهات من المشاركة في مسيرات السلام وقتها ، وفي عام 1908 نظمت مجموعة من الأمهات تقودهن آنا جارفيس حملة للاحتفال بيوم للأم في ثاني أحد من شهر مايو/أيار
والذي يتزامن مع ذكرى وفاة والدتها، وقد تبنت الدعوة العديد من المدن في الولايات المتحدة، وفي وقت لاحق من عام 1914 أقر الرئيس الأمريكي ويلسون هذا التاريخ عيداً للأم، ويعد عيد الأم عطلة عامة في الولايات المتحدة، وقد تبنت العديد من الدول هذا التاريخ.
ووتحتفل بريطانيا بعيد الأم في الأحد الأخير من شهر مارس/آذار من كل عام ويعرف بأحد الأمهات، وأما عن الخلفية التاريخية للاحتفال فإنه ليس لها علاقة بالأمهات وتعود إلى القرن السادس عشر وارتبطت بزيارة المسيحيين للكنيسة الأم في عيد الفصح ، وفي الماضي كان الموظفون يحصلون على عطلة للعودة إلى مساقط رؤوسهم للصلاة مع أسرهم وخلال طريق العودة كان هؤلاء الموظفون الشباب يحملون الزهور لأمهاتهم.
والنرويج هي الدولة الوحيدة في العالم التي تحتفل بعيد الأم في فبراير/شباط وتحديدا في ثاني أحد من فبراير، وهو تقليد ديني في الأساس، في ما تحتفل السويد بعيد الأم في آخر يوم أحد من يونيو/حزيران، وتحتفل فرنسا به في أول يوم أحد من يونيو/حزيران سنويا.
وفي الشرق الأوسط كانت مصر هي أول دولة تحتفل بعيد الأم في 21 مارس/آذار، وكانت البداية عام 1956 عندما قامت إحدى الأمهات بزيارة الصحفي الراحل مصطفى أمين في مكتبه في صحيفة أخبار اليوم المصرية وقصت عليه قصتها وكيف أنها صارت أرملة وأولادها صغار
ولم تتزوج، وكرست حياتها من أجلهم حتى تخرجوا في الجامعة وتزوجوا واستقلوا بحياتهم وانصرفوا عنها تماما، فكتب مصطفى أمين وعلي أمين في عمودهما الشهير “فكرة” يقترحان تخصيص يوم للأم يكون بمثابة يوم لرد الجميل وتذكير بفضلها.
وإن الأم قديما لم يكُن لها قيمة أو قدر وبعد ذلك بدأوا يهتمون بالأم بجامع أنها تحمل وتلد وتتألّم فقرروا تخصيص طقوس خاصّة لتكريمها بتحديد يوم مُعيّن لها، فمنهم من يقدّمون لها الهدايا ومنهم من يركعون لها ومنهم من يتفرّغ تفرُّغًا تامًّا للجلوس بجانبها والقيام بدورها كالتّنظيف وغسل الملابس والطّبخ
وبعد ذلك وصل هذا العيد لكافة أنحاء العالم لإشعار الأبناء أن هنالك طقوسًا مميزة لا بُدّ من إحيائها بعد أن كان الاحتفال بعيد الأمّ مقتصر على تكريم الآلهة فقط، كشعب فريجيا بآسيا الصّغرى عندما جعلوا عقيدتهم أن أهمّ إله عندهم ابنة السّماء والأرض والتي تُسمّى ” بسيبيل ” فهي أم لباقي الآلهات فكانوا يقدرونها ويُكرّمونها وهذا أوّل نوع حقيقي ظهر لتكريم الأمّ وتقديرها .
والأم أحق من أن يحتفي بها يوماً واحداً في السنة، بل الأم لها الحق على أولادها أن يرعوها، وأن يعتنوا بها، وأن يقوموا بطاعتها في غير معصية الله عز وجل في كل زمان ومكان.
التعليقات مغلقة.