أعشق زهور البانسيه..
مجدى سالم
دوما أرى.. مثل كل الناس.. في كل زهرة نظرة فيها تعبير ما..
وأكاد أعتقد أن كل واحد منا يرى في الزهرة ما يحب أن يراه..
وتستهويني ألوان أزهار البانسيه التي أكاد أعتقد أنها تتعدد بلا حدود..
ولا أفاضل بين لون وآخر ولا أبحث عن لون بعينه..
أذكر كيف كانت أحواض الزهور في الجزيرة في وسط الطريق.. والأحواض على جوانب الطريق.. من الجامعة إلى المدينة الجامعية.. تمتليء بزهور البانسيه بألوانها الزاهية.. ومن كل الألوان.. حتى أن ذاكرتي مازالت تحمل صورا رائعة لها.. وكانت الأحواض المليئة بها مبعث سعادتي.. خاصة وأن بعض الأحواض كانت تمتليء بزهور القرنفل أيضا بألوانها وبعبق رائحتها التي كانت تعطر الجو.. حتى أنني كنت أحيانا أذهب لمنطقة الملاعب بالمدينة الجامعية.. بلا هدف سوى التريض.. أنعم بالزهور وبالهدوء.. قبل العودة إلى الحي الفقير الذي كنت أسكنه.. والذي كان يمتليء بالورش والصناعات المختلفة.. وبالضجيج.. وبالروائح من نوع آخر.. وشتان كان الفارق بين كل شيء هنا.. وكل الأشياء هناك..
وعرفتها في الطريق..
كانت تميل على كل حوض تنتقي بعضا متفردا من زهرات البانسيه.. فقط ما تحب.. وكأنها تنتقي من كل لون زهرة واحدة أو اثنين على الأكثر.. كانت تمسك بالزهرة بعناية فائقة.. وتضعها في علبة مثقبة تحملها.. وكأنها جاءت خصيصا بغرض جمع البانسيه.. وكنت أرى في عينيها عشق زهور البانسيه.. وأرى في حركة وهزة جسدها الدقيق وهي تمسها.. وكأنها تراقص الزهور.. أو تداعب كل زهرة على لحن وإيقاع مختلف.. لا أدري لماذا تداعى خيالي معها.. وخمنت أنها أيضا في عمر الزهور.. وكانت كمية الكتب التي تحملها في يدها اليسرى تشي بإنها في الأعوام الأولى من الدراسة..
وتجاسرت وبدأت أحاول أن أحاورها.. كنت أشعر أن عشق البانسيه ربما جمعني بها.. وتعمدت أن أكون في غاية الرقة والأدب حتى لا أخيفها.. من جهة.. وحتى تقبل أن ترد علي.. وعرفت أنها تجمع زهور البانسيه وتجففها بين صفحات كتبها.. ورحت ألومها أن حرمت باقي البشر من زهور تقطفها.. وأنها تجمع من أزهاري الحبيبة كما كبيرا.. وأنها.. وأنها.. واحتدت من جانبها وراحت تكيل الحجج وراء هوايتها المحببة.. خاصة وأنها تعشق زهور البانسيه.. ولم أقبل حجتها ورحت أهاجمها من جديد.. وكان عقابي قاسيا عزيزي القاريء..
فقد تزوجتني.. ..
التعليقات مغلقة.