” أعصاب الرجال ” قصة من واقع الحياة بقلم الأستاذ المبدع محمود حمدون
يقول الأستاذ محمد كمال سالم:
الزعيم محمود حمدون
تقمص حالتي وعاشها كعادته،فهو تعهد ألا يمر من أمامه ولو حتى بعوضة،،إلا هجاها أو مدحها
أشكرك صديقي الحبيب
” أعصاب الرجال ” بقلم محمود حمدون :
تأنقت كعادتي صبيحة كل يوم قبل خروجي للعمل , وتعطّرت فأنا أعشق العطور الغالية ولا أبخل على نفسي بما يُدخل البهجة إلى قلبي , لمَ لا والحياة قصيرة !! وقد أقسمت ألاّ أترك خلفي تركة يتقاتل عليها أبنائي وحفدتي لكثرتها أو يلعنونني في قبري لضآلتها .
ارتديت بدلتي الزرقاء وربطة عنق بنفسجية من الحرير الطبيعي تتخللها نغمشات سوداء تضفي بهاء على البدلة ومن قبل على صاحبها.
ثم نزلت درجات السلم أترنّم بلحن راقص لفاتنتي ” السندريلا” ويدي تقبض على سلسلة مفاتيح سيارتي وهي تقف أمام باب البيت شامخة بعد أن أسبغ عليها السايس من الماء الجاري لغسلها حتى أصبحت نظيفة تضوي تحت ضوء الشمس ..
اقتربت وتحسست نعمومة أبوابها وسطحها وتذكرت خشونة الحياة وما لاقيته من عنت منها ومن الكوكب وسكّانه أجمعين فكادت تفر دمعة من عيني لولا أن حبستها , ثم أخذت شهيقًا قويًا كما أفعل قبيل أن أقود مركبتي الحبيبية .
لكن … أي ألم ذلك الذي ألمّ بيّ , صدري يكاد تختلف أضلاعه كما لو كانت ضمة القبر قد سبقت أوانها إليّ , يدي اليمني لم أعد أشعر بها , عدا أصوات أقرب لصراخ ترتفع خلفي بينما الدنيا تدور بي , الحق أنّي قد خبرت دورانها مرّات عديدة من قبل فلم أتفاجئ هذه المرة ,
إلاّ أن الألم اشتد ومعه لم أطق فصرخت مع الصارخين : آهة انطلقت من داخلي ونظرة منّي للوراء فوجدتني بين شقيّ رحى , بين مقدمة سيارة تقودها غادة , وبين باب سيارتي العزيزة , كانت المرأة زرقاء العينين تنساب منهما خوف ووجل ولست أدري حتى الساعة أخوف عليّ أم على نفسها .. تنبّهت للموقف ووضح أن صراخ القوم لم يخرج عن عبارة واحدة : ” حرام عليك الراجل هايموت ” أعقب ذلك خبط ورزع من أيدي عديدة ترتفع وتهوي على ” صاج ” سيارتها الفارهة , للمرة الثانية لم أعرف هل كانت الصفعات التي توالت على السيارة من كل جانب لتنبيه السائقة بالتوقف أم انتقام بالغريزة من سيارة فارهة ضلّت طريقها لشارعنا ؟! فقومي يكرهون السيارات الفارهة ويمقتون كل ما يمتُ لعالم الحداثة من قريب أو بعيد .
حملني بعض من القوم وأنا أصارع الحياة ولكم فعلتها معها من قبل وكل مرة كانت تصرعني بضربة قاضية وبدا ليّ الأن أنّي على وشك ملاقاة هزيمة قاسية جديدة ..
وأسرعوا بي لأقرب مستشفي , بينما يميني تقبض على مفاتيح سيارتي وقد بُقر بابها وانبعج وتقوّس للداخل , هبطت الحسناء من سيارتها , دارت حولها واقتربت من مقدمتها وتحسست بأناملها الرقيقة البضة ” رفرفها الأمامي ” فوجدت انحناءً غير مستحب فصرخت صرخة عظيمة , تهاوت معها أعصاب الرجال وهويت أنا على الأرض بينما هرول القوم لإغاثتها ..
التعليقات مغلقة.