أفيون الشعوب ….د.أحمد دبيان
عام ١٨٢٩ م
تصاعدت حركة التهريب للأفيون إلى الصين بصورة تدريجية .
فى البداية كان تهريب الأفيون محدوداً حيث لم يُهرَّب إليها سوى مائتى صندوق تحوي ٦٠٨ كيلوجراما من الأفيون قدرت تكلفتها بخمسة عشر مليون دولارا. الا انه فى نهاية عام ١٨٢٩ م وصلت المهربات إلى اربعة آلاف صندوق حوت ٢٧٢ طناً.
انزعجت السلطات الصينية لهذه الظاهرة.
وللخطر الذي يمثله تعاطي الافيون الواسع علي صحة المواطنين.
والذي يسبب تدمير المجتمع الصيني إذ كان الصيني يبيع كل ما يملك للحصول على الافيون.
لذلك اصدر الامبراطور الصيني قرارا آخر بحظر استيراد الافيون إلى الامبراطورية الصينية.بل وذهبت الامبراطورية إلى ابعد من ذلك عندما ذهب ممثل الامبراطور الي مركز تجارة الافيون واجبر التجار البريطانيين والأمريكيين علي تسليم مخدراتهم من الافيون الذي بلغ الف طن وقام باحراقه في احتفالية كبيرة شهدها المناوئون لهذا المخدر.
كانت هذه مقدمات حرب الأفيون الأولى والثانية .
وكان هذا التكتيك الإستراتيجى الإستعمارى شديد النجاح .
عندها قررت بريطانيا والتي كانت في اوج قوتها العسكرية في ذلك الوقت اعلان الحرب على الصين لفتح الأبواب من جديد امام تجارة الافيون للعودة من جديد. وبحث البريطانيون عن ذريعة لهذه الحرب فاستخدموا مبدأ “تطبيق مبدأ حرية التجارة”
واستطاعت بريطانيا بعد مقاومة عنيفة من الصينيين احتلال مدينة “دينغ هاي” في مقاطعة شين جيانج واقترب الاسطول البريطاني من البوابة البحرية لبكين. ودفع ذلك الامبراطور الصيني للتفاوض مع بريطانيا وتوقيع اتفاقية “نان جنج” في أغسطس ١٨٤٢.
لتستأنف بريطانيا حربها الثانية حيث ظل الأفيون محظوراً بعد الحرب الأولى ولترغم الإمبراطور على السماح بتجارة الأفيون
فكانت اتفاقية (تيان جين) في عام1858 بين الصين وكل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا والتي تعطي لهم مزيدا من الامتيازات من أهمها
- فتح خمسة موانئ جديدة للتجارة الدولية وتحديد الأفيون بصفة خاصة من بين البضائع المسموح باستيرادها.
- حرية الملاحة على نهر اليانج تسي كيانج.
- السماح بدخول المسيحية في أرجاء الصين.
فى الشرق وحيث يشكل التعاطى الدينى التغييبى هوساً أفيونياً وبدلاً من الجوهر الحقيقى للديانات من مساواة وعدل وتكافؤ فرص وعدالة فى توزيع الثروات كانت البداية بثورة مضادة انقلبت على روح الرسالة المحمدية واخترقتها التعاطيات المضادة التأويلية للأديان التى سبقتها فحولت الحكم الذى اتى بعد وفاة الرسول من لبنات الشورى وتداول السلطة دون تمركز عائلى قبلى الى قبلية الترسيخ والسدة التداولية فكانت الحروب الأهلية وتمركزات الثروة والتمايز والأهم الفقه التأويلى السلطوى المساند بكل المكذوب الموضوع المرسخ لسلطة الحكم الإلهية برضا الناس وبخوفهم من عقاب الهى على موضوع ممنهج بشرى .
جاء الإختراق الأكبر بابراز التأويل الإنسحاقى الفقهى التلمودى فى زمن الإكتساح التترى وحكم العملاء المسلمين للمغول ، فانتهينا لتكفير المجتمع والناس ومن الغريب ان فقه الجاهلية العصرية استقرائياً ، قد وجد الأرض الخصبة من أشخاص يتمتعون بخلل العنة والاحباطات النفسية فى ازمنة الانسحاق فكان فقه تلمدة الإسلام التيمى او القطبى .
كانت الصوفية احد قلاع التعاطى الدينى الثورى بمجاهدة الذات والنفس ولبنات الطاعة العسكرية فكانت حركة الجهاد الكبرى التى قاومت الإستعمار فى افريقيا فكانت السنوسية والقادرية والمهدية بل وكانت حركة ضد الظلم والطغيان الشرقى المستبد فكانت ثورات الشيخ احمد عبيد وولده الشيخ الطيب احمد السلمى وثورة الفئوس الى ان تم اختراقها بالتعاطى التغييبى الذى افرغها من روح النضال وأحالها الى رقصات القبائل الأفريقية بلا معنى الا ترسيخ الطاعة للقهر والطغيان .
الهوس الدينى التغييبى كان الأفيون الذى نجح به الاستعمار فى ابراز التأويل الفقهى السلطوى المرسخ للحكم الإلهى لحكام تابعين خانعين وجعله السائد المساند لترسيخ الهيمنة الاستعمارية فى سنوات ما قبل التحرر وما بعد الارتداد الثورى فى السبعينات فكانت حركات الأصولية الإسلامية المدعاه والإسلام السياسى باستنساخ الفقه التيمى فى شكله القطبى وترويجه أفيوناً يتحرك به قطيع زومبى مخدر مغيب ، انتهى لفقه الإقتتال المجتمعى الداخلى أو اغراق المجتمع فى حالة استرخاء استسلامى أخروى يرى الدنيا التى جعل الله الإنسان خليفته فيها ليعمرها بالعلم وبالأنظمة الوضعية التى علمها له بخلق العقل وإعلائه ، متاعاً زائلاً . لتتحول الأرض الموكل بتعميرها لعشوائيات غرائزية تأتى عنواناً للغرائزية التى اخترقت الدين باختزاله فى شبق جنسى دنيوى اخروى او عشوائيات الفكر اللامنتمى بدعاوى ليبرالية مفقدة للإنتماء فى جوهرها . أو غرائزية تاريخية أفيونية بتزوير واختزال المثبت من التاريخ واحالته الى تيار حنينى لعهود استبداد وظلم وطغيان واحتلال.
الافيون الشرق الأوسطى أفيون تغييبى استسلامى بامتياز ضرب محاور التعاطى الدينى والتاريخى والعقلى فانتهينا لتيارات الاعجاز العلمى فى الكتب المقدسة فى تعاط استسلامى متلقى لمنتج العقل الإنسانى الذى كرمه الله بالعلم وميزه عن الملائكة. فكانت رعاية العقل لمن يرعون هى الخلافة الأرضية التى كانت ولا زالت جوهر فلسفة الخلق الالهى .
التعليقات مغلقة.