أقصر و أخطر مرحلة في عُمرنا…بـقلم أسـمـاء الـبـيـطـار
أقصر و أخطر مرحلة في عُمرنا…بـقلم أسـمـاء الـبـيـطـار
في هذا المقال سنتحدث عن أخطر و أقصر مرحلة في عمرنا ، و التي يظنّ البعضُ أنها كبيرة فيغترّ و يفعل ما يحلو له في نفسه و فيمن حوله .
أحيانا بدون وعي ، و أحيانا كثيرة بكامل إرادته ووعيه ،
يمرّ بنو الإنسان بثلاث مراحل عمرية أساسية:
” الطفولة و الشباب ثم الشيخوخة ” و تنقسم كل مرحلة إلى جزأين أو أكثر .
و حديثنا هنا سيكون عن مرحلة الشباب،أي مرحلة ( الفتوة و القوة ) و التي أعتبرُها أخطر مرحلة وأقصرها في عُمرنا ؛لأنها ببساطة يمكن أن تنتهي بلحظة ، لحظة غير متوقعة و غير محسوبة .
_ تنتهي بفقد عزيز علينا
_ تنتهي بمرض أو خذلان
_ أو حتى تنتهي بالعمر المحدد لنا بانتهاء الأجل .
يعيش معظمنا مرحلة شبابه و كأنها مرحلة أبدية ، كثيراً ما ننسى فيها أنفسنا و نتعامل مع مرحلة مؤقتة ، على أنها مرحلة ما تبقى من العُمر !
نظرة عجيبة نغتر فيها بعنفوان الشباب و قوته ، و إقبال الدنيا .
و ننسى أننا تخطينا مرحلة الطفولة و خرجنا منها بذاكرة محمّلة بذكريات و مواقف حُفرت على ما تبقّى من أعمارنا .
ذاكرة رغم صغرها حملنا فيها لمن حولنا الحب و الكره ، الطمأنينة و الخوف ، الثقة و الحذر
و هذه المشاعر هي التي نعيش على آثارها ما تبقى من أعمارنا .
فما بالك بمرحلة يليها مرحلة ضعف الشيخوخة ، و من ثم مرحلة الكهولة لو كان بالعُمر بقية ؟!
في مرحلة الطفولة يحفر الأخرون بذاكرتك الذكريات ، أما مرحلة الشباب فهي مرحلة مختلفة تماماً ؛ لأنها مرحلة البذل و العطاء و إرساء القواعد و التقديم للنفس .
أي : مرحلة التعقل رغم العنفوان .
أو مرحلة التواضع رغم القوة .
أو مرحلة التريّث رغم السرعة .
مرحلة إن لم تأخذ فيها حذرك من نفسك ” فلا تلومنّ إلا نفسك ” .
في هذه المرحلة المهمة التي تتوسط مراحل أعمارنا ” القصيرة ” مهما طالت ، و كما كنا نفكر في طفولتنا و نعد أنفسنا لمرحلة القوة .
فالأولى في مرحلة قوتنا أن نهييء لأنفسنا مرحلة الضعف
المرحلة التي يغفل عنها معظمنا و التي لم يتوقع أحدٌ منا
– إلا من رحم ربي – إنها ربما تكون بالغد القريب !
فنعيش بحرية و ننسى حتى العامل الوراثي في احتمالية إصابتنا بما أُصيب به آباؤنا و أجدادنا فنتخطّى الأربعين دون مراعاة لاحترام هذه السن في أشياء كثيرة حتى نُفاجأ كما يتفاجأ من حولنا بما أصابنا !
فتتبدل أحوالنا و نتغير بأيام معدودة .
نأتي على من يبقون ” لنا و علينا ” فنقسو و نشدّد عليهم تحت أي مسمّى و أي صفة ، فنراهم أمامنا يذبلون و تتبدل ملامحهم و يعلو صمتهم دون أن نكترث.
لأننا تعاملنا بقوتنا و نسينا أن من بعد القوة ضعفا !
نسينا أنهم قطعة من نسيج أعمارنا و يجب أن نحافظ على سلامة أرواحهم تجاهنا
ليعاملونا حين نفقد عنفواننا في أي لحظة بالرحمة لا بالشفقة .
_ نُهمل الحقوق المفروضة بحجة الانشغال حتى نُفاجأ بالغياب الكامل
و برغم القوة نشعر بتمام العجز و لو بطلب العذر و السماح .
هذه المرحلة الدقيقة من أعمارنا و التي تمر سريعاً دون أن ننتبه ، لأننا في الغالب نسقط الزمن من حساباتنا ، و نعيش اليوم و لا نَعُد أنفسنا للغد !
الغد الذي بات الأقرب في هذا الزمن ، و الكثير من الشواهد تدلّ على ذلك ، أولها موت الفجأة أعاذنا الله و إياكم منه .
فقدّموا لأنفسكم .
التعليقات مغلقة.