ألا أيُّها الجارُ العزيزُ تمهُّلًا…بقلم الشاعر محمد عبدالرحمن كفرجومي
(قصيدة رثاء للجار العزيز “علي بردو” المُكنّى بأبي محمد.. وقد كان موظَّفًا في شركة كهرباء جسرالشغور).
1-فُجِعنا بموتٍ -ياعليُّ- و نُفجَعُ
بِطفلٍ يتيمٍ فوقَ نعشِكَ يَركَعُ..
2-و أصداءُ أحزانٍ بأرجاءِ حَيِّنا
تَلُفُّ جَميعَ الْحَيِّ لفًّا ؛ تُرَوِّعُ..
3-ألا أيُّها الجارُ العزيزُ تَمَهُّلًا
مَضيتَ فما وَدَّعتَنا، لِمَ تُسرِعُ؟!
4-فَهَلَّا انتظرتَ القادمينَ دَقيقَةً
قُبَيلَ مواراةِ الثَّرى كي يُوَدِّعوا..
5-أحَبَّكَ كُلُّ النَّاسِ نَفْسًا عزيزَةً
و أخلاقَ صِدقٍ بالشَّذا تَتَضَوَّعُ..
6-وكُنتَ ملاذَ الجارِ في كُلِّ مِحنَةٍ
وكانَ إليكَ الجارُ في الْكَربِ يَفْزَعُ..
7-و رَبِّي فَلَنْ أنساكَ مادُمْتُ عائِشًا
فَصَوْتُكَ في أُذْنَيَّ مازالَ يُسْمَعُ..
8-و صورتُكَ الْغَرَّاءُ في الْقَلْبِ حَيَّةٌ
وفي الْعَقْلِ وَالْوجدانِ طيفُكَ يَرتَعُ..
9-ألا ليتَني كَحَّلْتُ عيني بِرُؤْيَةٍ
لِجارٍ مَضى،إذْ (ليتَني) ليسَ تَنفَعُ..
10-و حَدَّثتُهُ بَعضَ الْحَديثِ لَعَلَّهُ
يُخَفِّفُ بَعضَ الْحُزْنِ عنِّي ويَنْزَع
11-أفي غُربَةٍ نَكْراءَ أقبَعُ نادِمًا
على فُرقَةِ الْأحبابِ والْحُزْنَ أجرَعُ..
12-تُرى مالَهُمْ يمضونَ في إثْرِ بعضِهِمْ
و سهمُ المَنايا لِلْأحِبَّةِ يَصرَعُ !!
13-ولكنْ قضاءُ اللهِ لا بُدَّ واقِعٌ
ومَنْ لِقضاءِ اللهِ في الْخَلْقِ يدفَعُ؟!
14-فَصبرًا على البلْوى امتثالًا وطاعَةً
لِرَبِّ الْوَرى، والصَّبرُ لِلْأجر يرفع
15-جَزِعتُ على مَوْتِ الصَّديقِ وهالَني
فِراقٌ طويلٌ ليسَ بعدَهُ يَرجَعُ !!
16-مُحَيَّاهُ بالْإشْراقِ فاضَ سَماحَةً
وعيناهُ بالْبِشْرِ الْمُشَعشِعِ تَسْطَعُ ..
17-وكانَ عَزيزَ النَّفْسِ عاليَ هِمَّةٍ
يَضُمُّ مِنَ الْأخلاقِ ماهُوَ أرفَعُ ..
18-وعاشَ فقيرَ الْمالِ مِنْ غَيْرِ ذِلَّةٍ
وكانَ كَريمًا مُؤْثِرًا ليسَ يَطمَعُ..
19-وحارتُنا كانت بِهِ بِسَعادَةٍ
وهاهِيَ كالصَّحراءِ جرداءُ بلْقَعُ !!
20-بِها كانَ يمْشي بالْأزِقَّةِ حالِمًا
بِبَيْتٍ يَضُمُّ الْأهْلَ؛والشَّمْلَ يَجمَعُ..
21-وَيَخْلُصُ مِنْ دارٍ كَراها بِأُجرَةٍ
وَمِنْ مالِكٍ لِلدَّارِ دَوْمًا يُجَعجِعُ..
22-وبعدَ مُعاناةٍ تَحَقَّقَ حُلْمُهُ
بِبَيْتٍ صغيرٍ بالسَّعادَةِ يُمْرِعُ !!
23-فلمْ يَكْتَمِلْ-تلك السعادَةَ-فصلُها
أُصيبَت بِجَدبٍ واعتراها تَصَدُّعُ..
24-لقد جفَّتِ الْآمالُ بَعدَ تَدَفُّقٍ
وأمست سَرابًا بالْمَهامِهِ يَلْمَعُ !!
25-وَداعًا..وَداعًا أيُّها الجارُ؛مُهْجَتي
تكادُ مِنَ الأنَّاتِ والْآهِ تَطلُعُ !!
26-سَأدعو لكَ الرَّحمنَ دَوْمًا بِدَعوَةٍ
وأنَّ رسولَ اللهِ فيكَ يُشَفَّعُ..
27-ومالي سِوى هذا الدُّعاءِ وأدمُعي
وَقَد يَجلبُ السَّلْوى دُعاءٌ وأدمُعُ..
28-تَغَمَّدهُ-يا رَبَّاهُ- مِنْكَ بِرَحمَةٍ
فَعَفْوُكَ -رَبِّي-مِنْ عِقابِكَ أسْرَع
الشاعر:محمد عبدالرحمن كفرجومي.
1431/3/13هج.2010/2/27 م.
طلب أولاد المرحوم القصيدة بعد هذه المدة من وفاته رحمه الله تعالى ليتذكروا شيئًا من عبقِ وجوده معهم.
التعليقات مغلقة.