موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

ألدلالات اللفظية وتأثيرها في اكتمال المشهدية قراءة تحليلية بقلم الأديب / محمد البنا للقصة القصيرة مشهد خارج زاوية الرؤية للأديبة المصرية/ إيمان على عبد الهادي

104

ألدلالات اللفظية وتأثيرها في اكتمال المشهدية
قراءة تحليلية بقلم الأديب / محمد البنا

للقصة القصيرة مشهد خارج زاوية الرؤية للأديبة المصرية/ إيمان على عبد الهادي

مشهد خارج زاوية الرؤية

( 1 )
كلما ارتكب خطأً صغيرًا وجّهت له اللوم، ثم تضمه إلى صدرها وهي تتحدث عن أشياء كثيرة لا يعي شيئًا منها، لكنه يبتسم ويمضي سريعًا قبل أن ترصده عينا والده المشتعلتان، ذات مرة ضبطه وهو يرسمه بعينين كبيرتين، يخرج منهما الكثير من الشرر، سأله بنبرة حادة: ما هذا ؟ فقفز قلبه هربًا بينما تلعثمت الحروف على ثغره فأغمض عينيه ضغط عليهما بشدة، و…أنقذه صوتها ككل مرة، أغلق باب الغرفة، لاذ بجدرانها، وأخذ يبحث عن قلبه ليعيده إلى مكانه قبل أن يمارس طقوس سعادته بعيدًا عن العيون.
( 2 )
احتدّ الحوار بينهما، بدأت جحافل صوتهما تطرق أبواب غرفتها، ظهر الضيق على ملامح وجهها الصغيرقبل أن يحتل صدرها، أغلقت دفترها وهي تنظر إلى صورة توأمها المزينة بشريطٍ أسود وتهمس لها: ” لقد نجوتِ “.
ألقت بجسدها النحيل على الأريكة، ثم وضعت سماعات الأذن وغرقت في صخب الموسيقا .
( 3 )
كانت يده ميراثه، صوته المعبّر عن غضبه أو استيائه، وكان جسدها هو الصخرة التي يمارس عليها كل فنونه، لم يلحظ أبدًا تلك العين الصغيرة وهي تنزلق بهدوء من ثقب الباب الموصد، تتابع المشهد تحفره في الذاكرة، بينما القلب المرتجف يلوذ بالباب، يلتصقُ به إلى أن يخفت الزئير ويبدأ صوت ألمها الواهن في التنفس، حينها ينزوي في ركنه المعتاد، يضم ركبتيه إلى صدره ويدفن رأسه في تلك البحيرة المالحة.
( 4 )
” تحَمّلي قليلًا يا ابنتي فالحياة تحتاج إلى الجَلَد “
أغلقت سماعة الهاتف وأخذت تتمتم في سخط : ” تحَمّلي، تحَمّلي، تحَمّلي … ” قاطعتها صرخات طفلها الرضيع، فأسرعت إليه وهي تلعن الغربة في سرها، لم تنس أن تلقي نظرة على إخوته، وتراجع في ذهنها كل ما عليها فعله اليوم.
يوم آخر، عيناها مثقلتان، الرؤية ضبابية، ” تحَمّلي ” تهمس لنفسها قبل أن تركن الزمن جانبًا، لم تعد تنظر إلى الساعة أو تنزع أوراق النتيجة المعلقة على الحائط، كان همها الوحيد أن تحبس صوت صرختها في صدرها، وربما تسرق بضع دمعات لتخفف وطأة الصهد الذي يغتالها، استسلمت لتلك الدوامة التي تعتصرها جزءًا جزءًا، وتنفث ذلك الحريق عبر شرايينها فيزحف إلى كل خلية من خلايا عقلها يبتلعها في هدوء يصحبه ذات الطنين؛ ” ت ح م ل ي ” استطالت الحروف حبالًا تلتف حولها تكاد تخنقها، تشهق ، أرادت أن تتنفس، أسرعت إلى النافذة، فتحتها وانطلقت تحلّق بجناحيها بعيدًا .
إيمان علي عبد الهادي ..مصر في ٩ يونيو ٢٠٢٢
………………………..

القراءة

المشهد مركب من جزئين، أحدهما داخل الكادر، والآخر في الكواليس، وكلاهما داخل زاوية الرؤية العامة المنقسمة أيضا إلى نصفين، النصف الأول عيني، بينما الآخر نفسي.
هكذا ابتنت القاصة – المذهلة – قصتها، المقامة على أربعة أعمدة رئيسة ( الطفل/ الطفلة/ الأب / الأم) متكئة وبجدارة على مشكلة أسرية – عصبية الزوج وعنفه الدائم- لتشيد منها الهيكل الهندسي المتكامل لأقصوصتها، ملقية الضوء ببراعة ودقة توجيه الشعاع الضوئي المباشر على تبعاتها الناشئة إثر كل خلاف أسري، فالطفل يكره أباه ( يرسمه بعينين كبيرتين، يخرج منهما الكثير من الشرر،) بمداومة والده تعنيف أمه، والأب يتخذ من زوجته مطية لأفراغ عصبيته وغضبه فيها( جسدها هو الصخرة التي يمارس عليها كل فنونه )، والطفلة تشاهد كل ذلك(تلك العين الصغيرة وهي تنزلق بهدوء من ثقب الباب الموصد، تتابع المشهد تحفره في الذاكرة) وتحسد متحسرة توأمها المتوفاة( لقد نجوتِ “.)بينما الأم يضيق بها الحال فتنتحر(أسرعت إلى النافذة، فتحتها وانطلقت تحلّق بجناحيها بعيدًا .).
هذه هى فكرة النص ببساطة، أضافت لها القاصة بعدًا تجميليًا- الغربة – كمسوغ إضافي يبرر للزوجة إقدامها على الذهاب بعيدًا بلا رجعة، فالشكوى للصديقة تتم عبر الهاتف، حيث لا إمكانية للبوح الحسي المباشر، وفي دلالة أخرى مخفية تشي بغياب الأم – أم الزوجة- لوفاتها مثلا، حيث جرت العادة والشائع عرفًا أن تشكو الزوجة الأبنة مشاكلها إلى أمها، فهى الأقرب وجدًا والأكثر خبرة، والأحرص يقينًا على مصلحة أبنتها، وفي تخريج آخر ذي احتمالية معتبرة، يمكننا اعتبار الغربة هنا غربة نفسية في المقام الأول قبل ان تكون غربة مكانية، كحالة مرضية شديدة- اكتئاب نفسي- ناتج من قسوة الزوج المداوم على قهر زوجته بالتعنيف الجسدي، والتحقير اللفظي لأتفه الأسباب، ومن جماليات الصورة المشهدية الإيحاء الرائع للفئة العمرية لكلٍ من الطفل والطفلة، دون مباشرة، فلجوء الطفل إلى الرسم – عيني والده- تشي بفترة طفولة مبكرة قبل البلوغ، ولجوء الطفلة إلى سماعتي أذنيها- هروبا من تناهي ضجيج الشجار إليها- لتستمع إلى موسيقى او ما شابه، يدل على فئة عمرية أكبر سنا من أخيها.
مواقف أسرية شائعة في كل بيت تقريبا، لا ينتبه الآباء إلى خطورتها النفسية على نفوس أطفالهما الصغار، فينشأوا معقدين نفسيا كارهين للزواج والانجاب لئلا يورثوا جيناتهم لأبنائهم فيعانوا مثلما عانوا، كما تلفي القاصة الضوء على قهرية الذكر للأنثى في مجتمعاتنا الشرقية ومجتمعات أخرى مشابهة، حيث يتسيد الرجل المشهد الإجتماعي متربعا على قمة هرمه، مستأسرا بكافة الحقوق المادية والحسية والاجتماعية والسلطوية، بينما تقبع المرأة تحت قاعدة الهرم بثقله وجبروته، وفوق ذلك يطالبها المجتمع بالتحمل من أجل استمرارية الحياة، وعملا بالمثل السيئ السمعة ( ظل رجل أفضل من ظل حائط)، وخوفًا من نظرة دونية للمرأة المطلقة.
النص كما قلت آنفا مشهد مركب، أجادت القاصة معالجة فكرة مكررة بأخراجها من زاوية المألوف، لتقدمها لنا في إطار مذهب غير مألوف، وبلغة سردية متقنة حد الإدهاش، لم تخلو من صور بلاغية مدهشة غاية الدقة قوية الدلالة رغم بساطة تركيبها.
نص توافقت فيه الأفعال المستخدمة توافقا ممتازا، ما أضاف للمتن حركة معنوية جيدة رغم ثبات المشهد الرئيس- مشاجرة زوجية – إلا أنها استطاعت أن تحوله لمشهدية متحركة من زوايا مختلفة لكادر الرؤية، على سبيل المثال لا الحصر ( يمضي/ يقفز/لاذ/ يبحث/ يمارس/ تطرق / القت /….).
كذلك كان حقله الدلالي متماهيا ممتزجا بروح الفكرة ومؤكدًا عليها ( احتد / ثقب /شرر/ نبرة حادة /ضيق / جحافل صوتهما /…..).
محمد البنا..القاهرة في ٢٢ يونيو ٢٠٢٢

التعليقات مغلقة.