ألفاظ تحت المجهر : أعين وعيون د.وجيهة السطل

ألفاظ تحت المجهر : أعين وعيون د.وجيهة السطل

وقفة لغوية صرفية مهمة جدًّا، لكل الكتاب والشعراء

يذكر علماء الصرف وأصحاب المعاجم العربية،أن للفظ عين جمعين، أحدهما جمع قلة أعين، والآخر جمع كثرة عيون. دون أن يدركوا أن اللغة العربية قد ميزت بين معاني المشترك اللفظي بطرق شتى منها الجموع . كالفرق في بين جواد بمعنى كريم،وجمعها أجواد. وجواد الحصان وجمعها جياد. ويد بمعنى الجارحة وجمعها أيدٍ ، ويد بمعنى الجميل والمعروف وجمعها أيادٍ. ولسان الإنسان في فمه جمعه ألسنة، واللسان بمعن دى اللغة جمعه ألسن…وهكذاولم يتنبّهوا إلى هذه الآلية المطردة الذكية عند العرب.والتي جاءت كذلك في كتاب الله تعالى باللغة التي أقرها العرب،فرسخها لنا.
فقد فرقت لغة القرآن الكريم بين دلالة الأعين ودلالة العيون .
فلم يرد جمع القلة ( الأعين ) في القرآن الكريم في واحد
وعشرين موضعًا، إلا بمعنى
واحد فقط، وهو جمع للفظ عين بمعنى ( العين المبصرة).
المائدة: ٨-الأعراف: ١١٦،١٩٥،١٧٩-
الأنفال:٤٤-التوبة:٩٢- هود:٣١،٣٧- الكهف:١٠١-الأنبياء:٦١-المؤمنون: ٢٧- الفرقان: ٧٤- السجدة:١٧-الأحزاب: ١٩،٥١-يس: ٦٦-غافر:١٩ الزخرف:٧١ -الطور: ٤٨- القمر:١٤،٣٧

ومن ذلك على سبيل المثال، قوله تعالى في الآيات الكريمة الآتية:

{يَعْلَمُ خَآئِنَةَ ٱلْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِى ٱلصُّدُورُ} غافر:١٩
-{يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ ۖ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ۖ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }الزخرف:٧١

{أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ ۖ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍۢ يَبْطِشُونَ بِهَآ ۖ أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَآ ۖ أَمْ لَهُمْ ءَاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۗ قُلِ ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ} الأعراف:١٩٥

{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلْإِنسِ ۖ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ ءَاذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَآ ۚ أُوْلَٰٓئِكَ كَٱلْأَنْعَٰمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلْغَٰفِلُونَ }الأعراف: ١٧٩

{وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ} التوبة:٩٢

{وإِذَا سَمِعُواْ مَآ أُنزِلَ إِلَى ٱلرَّسُولِ تَرَىٰٓ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ ٱلْحَقِّ ۖ يَقُولُونَ رَبَّنَآ ءَامَنَّا فَٱكْتُبْنَا مَعَ ٱلشَّٰهِدِينَ}
المائدة: ٨٣

{قَالَ أَلْقُوا ۖ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ }الأعراف:١١٦ ولم يدلّ جمع ( العيون) في عشرة مواضع من القرآن الكريم، إلا على معنى واحد فقط، وهو جمع عين بمعنى ( عين الماء).
الحجر:٤٥-الشعراء:٥٧،١٣٤ ،١٤٧- يس:٣٤
-الدخان:١٥،٢٥ -الذاريات:١٥-القمر:١٢- المرسلات:٤١

من ذلك ما جاء في الآيات الكريمة الآتية :

{وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ}القمر: ١٢ “

{وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ }يس:٣٤

{ فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُون} الشعراء:٥٧

ومن العجيب أننا لا نجد هذه التفرقة الدلالية بين هاتين الصيغتين،في دواوين الشعر العربي منذ العصر الجاهلي و حتى اليوم. فقد ورد استعمال ( العيون) للدلالة على جمع العين المبصرة، وهذا شائع من الصعب حصره في الشعر العربي.
والأعجب أنه على وضوح هذه الظاهرة اللغوية القرآنية الفريدة، وضوح الشمس في رابعة النهار.فإن الشعراء واللغويين والمعجميين والكُتّاب، لم يتنبّهوا لها،فلم يأخذ بها الشعراء ولا الكتاب، ولم يثبتها المعجميون واللغويون في كتبهم.

وهذا يؤكد لنا تميُّز لغة القرآن الكريم، وارتقاءها عن لغة شعراء العرب وكتابهم؛ واحتواءها على الأصول والضوابط التي تحدد الدلالات الصحيحة لمعاني ألفاظ اللغة العربية
هذا وبالله التوفيق
وللجميع تحياتي