ألفاظ تحت المجهر سقى وأسقى
د.وجيهة السطل
من النظريات الثابتة في فلسفة اللغة العربية ،أن كل زيادة في المبنى تتبعها زيادةٌ في المعنى، وإلا كان تعدد الصيغ الصرفية في الأفعال عبثًا ولهوًا.
سقى فعل ثلاثي معتلّ الآخر،متعدٍّ إلى مفعول به واحد،على وزن(فَعَلَ).وحين تقول : “سَقَيتك الماء” فإن المراد أنك سقيته بيدك،وجعلته يشرب،.والأمر ليس مجرد إطلاق أو تمكين بل تقريب وتحقيق. فالمسقيُّ قد شرب من يد الساقي أو من كأسه بصورة مباشرة، فقربت إليه الماء باهتمام ومبادرة، وهو استجاب وأقبل على الشرب،ولم يبذل جهدًا في الوصول إلى الماء أو الحصول عليه.
أما فعل “أسقى” على وزن (أفعل)المزيد بالهمزة. فيعني توفير سبل الحصول على الماء، من أمطاروأنهار وينابيع. وإطلاق الماء للناس سواء شربوا أو لم يشربوا، فهو مبذول لهم في كل حين، نعمة من الله. والهمزة افادت التعدية، التي عبرت عن الجهد المبذول في إيصال الماء إلى محتاجيه. فصار الفعل متعدِّيًا إلى مفعولين.
(قال النحاس) الذي عليه أكثر أهل اللغة أن معنى سقاه ناوله فشرب أو صب الماء في حلقه. ومعنى أسقاه جعل له سُقيا.قال الله تعالى:{وأسقيناكم ماءً فراتا} المرسلات٢٧:
ويقول أهل اللغة : سقى وأسقى بمعنى، لغتان ، وقيل : سقاه : ناوله ليشرب ، وأسقاه : جعل له سقيا .
{نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِّلشَّارِبِينَ }سورة النحل:٦٦
فتح النون نافع وابن عامر وشعبة وضمها الباقون، وهما لغتان بمعنى واحد سقى وأسقى،
وكان الكسائيّ يقول: العرب تقول: أسقيناهم نَهْرًا. وأسقيناهم لبنًا: إذا جعلته شِرْبًا دائمًا. فإذا أرادوا أنهم أعطوه شربة قالوا: سقيناهم فنحن نَسْقِيهم بغير ألف .
وقيل: سقيته ماء نحو:(وسقاهم ربهم شراباً)، وأسقيته: سألتُ الله أن يسقيه، وقيل: ما كان مرة سقى.وما كان دائماً أسقى.
ابن خالويه.
وتعني كلمة (سقى) ما لا كلفة معه في السُّقيا، ولهذا أوردها الله تعالى في شراب أهل الجنة فقال : (وسقاهم ربُّهم شرابًا طهورًا)الإنسان: ٢١
أما (أسقى) فتعني ما فيه كلفة.ولذا جاءت الزيادة في المبنى،لتوافق الزيادة في المعنى. ولهذا أوردها في شراب الدنيا فقال (وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا) المرسلات:٢٧
لغة حكيمة،
شرفها رب العالمين بالقرآن الكريم .
. فما أروعها.
التعليقات مغلقة.