” أمجد ” قصة قصيرة بقلم/حمادة الشاعر
أمجد، رفيق درب ،ومدرسة ، وجامعة، نكاد نكون توأم، نفس الحساسية النفسية، تخصص هو في اللغة الإنجليزية، بينما في رحلتي لاكتشاف نفسي اتجهت للجغرافيا، لعلي أسترشد بها يوم أبحر نحو ذاتي .
بعد الجامعة حصل أمجد على الماجستير ، كادت أنفاسي تنقطع، جمعت كتبي ، أشعلت فيها حريقاً.
الخجل ، الهروب ، الانكماش، التحطيم الذاتي .
أمجد ينهار بسرعة ، طافوا به عيادات الاطباء النفسيين ، دون حل ، طافوا به على السحرة والدجالين ، لا أمل ، مزق صمت القرية همس أن أمجد قد جن ، يركض خلف الناس في الحارة ، يرجم النساء بالطوب ، يترنح بين رقص وغناء .
وقفت أمامه ، في عينيه لمعة غريبة ، ضحك ، ضحكت ، أصداء ضحكاتنا تجلجل الحارة .
يزأر داخلي صوت ، لو أصحبه للحقول ، نقضي ليلة ، عندى أمل أن يرتد عقله.
لكنى أخاف….. لست أدري من ماذا؟
افكار تطن في رأسي ، أنت التالي
أمجد كان أكثر منك ثباتاً ، لكنه انهار
،أنت المجنون ، لكنك لديك قدرة على المناورة .
الفصام تتقنه ، ترتدي ثوب العقل عند خروجك للشارع ، في ذاتك تدرك أنك مجنون ابن مجنون .
جلست أمامه في حذر
خيرًا ، ما المشكلة ؟
أمجد !
-أهذا اسمك.
لا هذا هو المرض
عفوًا لم ندرس في الطب مرضًا اسمه أمجد .
ارتبكت ، يصفر وجهي ، يمتقع، يتجعد.
أمجد رفيق الطفولة، خار عقله ، وأظني أسير لنفس المصير.
-ليس معني أن صديقك جن ، أن تجن أنت أيضاً.
أردت القول أن عقلي يتقهقر ،ينزوي ، ينكمش.
-هل تشتكي شيئاً؟
أكلم نفسي كثيراً، أتعارك مع الوسادة، أرجم الجدار بالنعال، أتهم الدولاب بالخيانة، يخبئ داخله الأشباح.
بدأ يدون ملاحظاته ، وهو ينظر لي في محاولة لاختراق الجدار الوهمي .
هل تدخن؟
توقفت ، كانت سحب الدخان تلتف حولي ، تحمل أسراري للطيور المهاجرة .
-ماذا تقول للجدار ؟
أتهم الجدار بالخيانة العظمى، يسهل عبور الأفكار من الخارج للمنزل لم يحمني .
أرجمه كل ليلة بسبعة نعال، وأحيانا أتفل عليه .
يتدفق الدمع من عيني ، تشيخ ملامحي ، يتهدج صوتي .
أشفق علىّ الطبيب، نكتفي اليوم بهذا القدر، تناول هذه الأدوية بانتظام ، وأراك الخميس القادم.
خرجت من عيادته أكاد أختنق ، أثق أني لن أعود.
لن أتناول الدواء.
رفعت عيني للسماء ، أصابني الهلع كانت الأفكار تحجب عنى الشمس ،يتدلى شعاع رفيع منها ، يتجه الىّ،أغلقت عيني ، فمي ، أركض، أدس نفسي بين المارة أصرح ، الرؤى،الافكار ، الأشباح ، أمجد ،أمجد.
القاهرة
يناير ٢٠٢٤
التعليقات مغلقة.