أمى والقارة السحرية.بقلم.مرفت شتلة
سمعت أصواتا في بهو منزلنا هبطت ببطءٍ؛ وجدت أمي بيدها تسحق بعض مكونات غريبة حينما؛ تعصى عليها تزيد السحق فتنتشر في الأجواء رائحة جميلة، كانت أمي فنانة بارعة، مهما كان يومها؛ ترسم فوق جدران بيتنا تحول الأحجار والطين الي جدارية تتراقص زهورها مع نسمات الربيع، تكون لوحة فريدة حينما تجلس القرفصاء بظهرٍ محني، واضعةً رَبطة فوق رأسها ليهدأ الألم، تجذب المكونات السحرية فتنشر بيننا لحنا تتراقص عليه أقدامنا، سر تلك الخلطة الرضا، لم تكن تكتفي بل توزع على الجيران ليتبدل العناء بالفرح، يسكن الأمان داخل الضلوع وآيات القرآن والتسبيح تنساب بسلاسةٍ كأنها تعرف مكانها فوق لسانها، لم تتوقف عن الصلاة، موعدي معها الفجر حيث الهدوء أراقبها تنثر من قارورة بشكلٍ غريب بعض الزخات، حينما اسألها تقول: “إنه سحر الأمهات في البيوت، جميعهن لديهن طريقهن”.
حينما مرضت أمي تعجبت من بسمة غريبة طُبعت على ملامحها، وصُرَّة تهمس إليها كل يوم، قال الطبيب إن المرض لن يُبقى سوى إطار من عظم يحمل ملامحها وبعض من بقاياها، أبهرتنا بضحكةٍ في وقت الليل توزعها علينا، تجز على أسنانها لتهشم الألم، ساحرةً ساخرةً من كل شيءٍ، لم نلحظ الوقت، أغلقت صُرَّتها وأكملت لوحةً وشدتها على جدران الأيام، تلك اللية تسللت إليها جلست بجوارها، سمعت همساتها التي كانت تتسرب وتطبع الحيطان بالقُبل ووجوه مبتسمة، أوصتني بالرضا فهو سر كل الخلطات، انسحبت بهدوء، تركت بداخل قلوبنا ضوء غريبًا متى وضعته فتحت سراديب أسرارها وبعثرتها بداخلنا، حينما ينام زوجي وأبنائي أذهب لأخلط المكونات، فجأةً يتزين البيت وتتبعثر رائحة أمي، أشعر بيدها تربت فوق رأسي تثني عليّ تُقبِّل كفى، تقفز في الهواء رسمةً لتطبع فوق وجهي والجدران ضحكة تعلو، يستيقظ أبنائي على صوت قهقهاتي، يتعجب الجميع، ينظرون لعينيّ الثابتة كأنني أراها تقف أمامي تلوِّح بيدها، لم أشعر برحيلها؛ فهي تُزين بيتي كل ليلة بقارورتها السحرية؛ فتنثر شذى مصحوبا بالسعادة.
التعليقات مغلقة.