الدكرورى يتكلم عن أم المؤمنين زينب بنت جحش
بقلم / محمــــد الدكــــرورى
أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها، وهي زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دوادن بن أسد لن بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدن، ولدت زينب قبل الهجرة النبوية ب 33 سنة ، وكان اسمها “برَّة”، فسماها النبي صلى الله عليه وآله وسلم “زينب”، وكانت تُكَنَّى: أمَّ الحكم، وهي إحدى المهاجراتِ الأول ، وهي إحدي زوجات النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، وابنة عمته أميمة وأخت الصحابي عبدالله بن جحش .
وهاجرت زينب إلي يثرب بعد هجرة الرسول الكريم اليها وهناك خطبها النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم لزيد بن حارثة فأبت في البداية وقالت لست بناكحته فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم فانكحيه فقالت يا رسول الله اؤامر في نفسي فبينما هما يتحدثان نزلت هذه الاية علي النبي محمد صلى الله عليه وسلم (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة إِذَا قَضَى اللَّه وَرَسُوله أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَة مِنْ أَمْرهمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) قالت قد رضيته لي يا رسول الله منكحا؟ فقال نعم قالت اذن لا أعصي رسول الله قد أنكحته نفسي .
ولم يكن الزواج بين زيد وزينب ناجحا حيث زادت شكاوي زيد من تعالي زينب ونفورها فعندما ضاق بها ذرعا فشكاها الي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم أمسك عليك زوجك واتق الله مع علمه صلي الله عليه وسلم انه سيطلقها وستكون زوجة له ولكنه خشي أن يعيره الناس بأنه تزوج امرأه ابنه وكان ذلك ممنوعا في الجاهلية فعاتب الله تعالي رسوله في ذلك بقوله عز وجل .
(وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا) وكان سبب نزول هذه الآيات أن اللّه تعالى أراد أن يشرع شرعاً عامّاً للمؤمنين ، أن الأدعياء ليسوا في حكم الأبناء حقيقة ، من جميع الوجوه ، وأن أزواجهم لا جناح على من تبناهم في نكاحهن .
وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن طلقها زيدٌ، وهدم ما كان معروفًا في الجاهليَّة من أمر التبنِّي ، ومنذ اختارها الله لرسوله، وهي تفخرُ بذلك على أمهات المؤمنين، وتقول ، كما ثبت في “البخاري ” زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ، وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ “، وسماها النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بعد الزواج زينب، وأطعم عليها يومئذٍ خبزًا ولحمًا.
وفي شأنها أنزل الله تعالى الأمر بإدناء الحجاب، وبيان ما يجب مراعاته من حقوق نساء النبي عليه الصلاة والسلام ، وكانت رضي الله عنها من سادة النساء، دينًا وورعًا، وجودًا ومعروفًا، محضنَ اليتامى ومواسيةَ الأرامل، قد فاقت أقرانها خَلْقًا وخُلقًا ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يزور السيدة زينب، ويمكث معها، ويشرب العسل عندها، فغارت بعض نسائه، وأردن أن يصرفْنَهُ عن ذلك .
فعن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلًا، فَتَوَاصَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ: أَنَّ أَيَّتَنَا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ فَلْتَقُلْ: إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ، فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا، فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: «لاَ، بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَلَنْ أَعُودَ لَهُ»، فنزل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ﴾ إلى قوله: ﴿إِنْ تَتُوبَا﴾ لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ: ﴿وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا﴾ لِقَوْلِهِ: «بَلْ شَرِبْتُ عَسَلًا» رواه البخاري ومسلم.
ومن مناقبها رضي الله عنها، أنها أثنت على عائشة أم المؤمنين خيرًا، عندما استشارها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حادث الإفك ، ففي الحديث قالت عائشة: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ عَنْ أَمْرِي: ” مَا عَلِمْتِ؟ أَوْ مَا رَأَيْتِ؟ ” فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله،ِ أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَاللهِ مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا. قَالَتْ عَائِشَةُ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، فَعَصَمَهَا اللهُ بِالْوَرَعِ. رواه البخاري ومسلم.
وروي الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلي الله عليه وسلم اسرعكن لحاقا بي اطولكن يدا قالت فكن يتطاولن ايتهن اطول يدا قالت فكانت اطولنا يدا زينب لانها كانت تعمل بيدها وتتصدق ، وقد وصفها رسول الله صلي الله عليه وسلم بانها اواهة اي خاشعة متضرعة فروي الطبراني عن راشد بن سعد قال دخل رسول الله صلي الله عليه وسلم منزله ومعه عمر بن الخطاب فاذا بزينب تصلي وهي تدعو في صلاتها فقال النبي صلي الله عليه وسلم انها لاواهة .
وقد اثنت السيدة عائشة رضي الله عنها علي زينب بنت جحش بالدين والصدقة والصدق وصلة الرحم ، فروي مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت كانت زينب هي التي كانت تساميني من ازواج النبي صلي الله عليه وسلم في المنزلة عند رسول الله صلي الله عليه وسلم وما رأيت امرأة قط خيرا من زينب في الدين واتقي لله واصدق حديثا واوصل للرحم واعظم صدقة .
ومن مناقبها أنها كانت ورعةً قوَّامَة، تُديمُ الصيام، كثيرة التصدق وفعل الخير، وكانت من صُنَّاع اليَد، تدبغ وتخرز، ثم تتصدَّق بثمن ذلك، وقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على كثرة تصدقها وكنَّى عن ذلك بطول يدها .
وقد أحسنت عائشة رضي الله عنها في الثناء عليها إذ قالت: “ولم أَرَ امرأةً قطُ خيرًا في الدين من زينب، وأَتْقَى لله، وأصدقَ حديثًا، وأوصلَ للرَّحِمِ، وأعظمَ صدقةً، وأشدَّ ابتذالًا لنفسها في العمل الذي تصدق به وتقرب به إلى الله تعالى”.
ولقد بلغ من حُبِّها للعطاء أنها قالت حين حضرتها الوفاة: “إني قد أعددت كفني، فإن بعث لي عمر بكفنٍ فتصدقوا بأحدِهما، وإن استطعتم إذ أدليتموني أن تصدقوا بإزاري فافعلوا”.
فكانت حقًّا أول زوجاته صلى الله عليه وآله وسلم لحوقًا به ، حيث توفيت سنة 20 للهجرة، وقد جاوزت الخمسين عامًا .
وتوفيت زينب بنت جحش في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه (سنة عشرين) وهي اول من مات من نساء النبي صلي الله عليه وسلم بعده واسرعهن لحاقا به ، وصلى عليها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وصُنع لها نعشٌ، وكانت أول امرأة يُفعل معها ذلك، ودُفنت بالبقيع ، فرضي الله عنها وعن أمهات المؤمنين.
التعليقات مغلقة.