” أم كلثوم والذوق العام في رحاب العامية “
تقديم سيدة القصاص
“أعتقد أن أهم ما يمكن أن يكتب عني بعد موتي
أنني نقلت الجمهور من الإسفاف الغنائي الذي كان يعيشه،
من أغاني
(إرخي الستارة اللي في ريحنا، أحسن جيرانك تجرحنا)
إلى مستوى
(إن حالي في هواها عجب)
و(الصب تفضحه عيونه ورباعيات الخيام”
هكذا قالت الفنانة الراحلة أم كلثوم
(1898 – 1975)،
عندما أرادت أن تلخص مسيرتها الفنية، وتقف على الدور الذي قامت به كواحدة من أهم الأسماء
في تاريخ الغناء المصري والعربي..
فقد واجهت ” أم كلثوم “،
القادمة من المنصورة، والتي تربت على القصائد التي غناها الراحل أبو العلا محمد، عندما كانت في بدايات مشوارها الفني، سخطًا من المستمعين حين غنت
“سبحان من أرسله رحمة لكل من يسمع”،
هذه القصيدة التي أراد الجمهور آنذاك أن يستبدل بها أغنية “هات القزازة واقعد لاعبني”
التي كانت رائجة آنذاك، لتحمل على كاهلها –
منذ تلك الليلة – مهمة تغيير ذوق الجمهور، لتربط مسيرتها –
وهي مخاطرة- بالشعر ، سواءً الفصيح، أو الجيد والراقي من
الشعر العامي.
عاشق أم كلثوم يعلمها الشعر ويتركه..
يعد أحمد رامي أحد أكثر الشعر اء الذين ارتبط اسمهم باسم كوكب الشرق، فهو الذي كان عاشقًا لأم كلثوم التي أصبحت ملهمته، وكتب لها عددًا من أشهر أغنياتها،
ولكن دوره كان أكبر من ذلك.
تروي أم كلثوم أنها ارتبطت بالشعر بسبب رامي،
وتقول: “حتى تمنيت أن أكون شاعرة”، ثم قد بدأت علاقتها به في العشرينيات من القرن الماضي، حين غنت أمامه
“الصب تفضحه عيونه”، وبعد مكالمة تليفونية بينهما،
أخبرت أم كلثوم رامي برغبتها في أن تنقل الجمهور من الإسفاف والابتذال إلى الأغنية الراقية.
اقترح رامي على أم كلثوم قصيدته
“إن حالي في هواها عجب” التي تقول في مطلعها:
إن حالي في هواها عجب أي عجب
ليس يرضيني رضاها ثم يشقيني الغضب
فإذا طال جفاها جد لي منه سبب
أعجبت القصيدة أم كلثوم ، وغنتها بالفعل من ألحان محمد القصبجي، غير أنها – كما أخبرت رامي-
كانت تريد كلمات أبسط، كلمات مثل كلمات الصحف، سهلة ولكنها ليست مبتذلة، وراقية ولكنها ليست “ألغازًا”.
وسواءً اقتنع رامي بهذه الحجة،
أو أن عشقه لأم كلثوم كان هو الدافع والسبب،
فإن رامي استجاب لرغبة أم كلثوم وراح يكتب بالعامية ليقدم لـ”ثومة” عددًا من أشهر أغانيها، من بينها: “هجرتك”، “غلبت أصالح”، “سهران لوحدي”، “يا ظالمني”.
.
التعليقات مغلقة.