“أنا أؤمن، إذن أنا موجود”بقلم سيد جعيتم جمهورية مصر العربية
التفكير جهد عقلي يهدف إلى التأمل وإيجاد إجابة لسؤال أو حل لمشكلة ما وحافز للتنافس و التفاعل والإيجابية وقد قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : “كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢١٩)” سورةالبقرة،وقال تعالى
“أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦)” سورةالحج.
وقد قضت سنَّة الله سبحانه وتعالى في خلقه أن يكونوا مختلفين، فالاختلاف ثراء بشري، وقد قال الخالق سبحانه وتعالى :
“ولَو شَاء ربُّكَ لَجعلَ النَّاسَ أمَّةً واحِدةً ولاَ يزَالُونَ مُختَلِفينَ(١١٨)إِلاَّ مَن رَّحمَ ربُّكَ ولذَلكَ خَلقَهُم وتَمَّتْ كلِمةُ ربِّكَ لأَملأنَّ جهنَّمَ منَ الجِنَّةِ والنَّاسِ أَجمَعِينَ (١١٩)” سورةهود .
و يجب عدم الخلط بين الاختلاف والخلاف فهناك فرق جوهري بينهما، فالاختلاف مشروع وهو تنوع بين الآراء في الفكر أو في الحجج والبراهين، أما الخلاف فهو تنازع على الحقوق وتعارض للمصالح.
ومهما كانت الاختلافات فالجميع يتفقون أن الإنسانية هي أساس في كل الأفكار النبيلة، ويلزمها الإيمان لتقوى وتترعرع، يقول إبن رشد:
مِنَ العدل أن يأتي الرجل من الحجج لخصومه بمثل ما يأتي به لنفسه وقال ايضاً: إنّ الحكمة هي النظر في الأشياء بحسب ما تقتضيه طبيعة البرهان، وقال ايضاً:لو سكت من لا يعرف لقل الخلاف.
(أنا أشك فأنا أفكر فأنا إذن موجود)
حكمة حية قالها أبو الفلسفة الحديثة الفيلسوف الفرنسي “رينيه ديكارت”، مؤسس مذهب العقلانية في القرن الـسابع عشر، وقد تغلب رينيه ديكارت علي مذهب الشك بإيمانه الراسخ بوجود إله قدير، وهو ضمن أناس تركوا بفكرهم فينا أثراً ثابتاً وإيجابيًا، ومن افضل النصوص منع التسلط البشري من إنسان على أخر بغرض الرضوخ له، وجعل الأخر يعيش تحت القهر فينهار الرباط الإنساني، ويصبح المتسلط أسير ذاته، ويذهب الأخر إلى أدنى سلم الإنسانية، ويسود التخلف.
وقد سنَّ الله -عزَّ وجلَّ- احترام الآخرين، قال عزَّ وجلَّ: “وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً(٣٨)” سورة البقرة.
وقد روى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم : “ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا “، أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي .
وبمقارنة بين قول رينيه ديكارت أنا أفكر إذًا أنا موجود بأقوال أخري فنجد مقولته هي المؤثرة وهي التي ما زالت حية، وعلي سبيل المثال اذكر بعض من أقوال من أطلق عليهم فلاسفة :
ـ الألماني كارل ماركس مؤسس الماركسية التي نشرت الشيوعية في العالم والتي أنكرت وجود الخالق سبحانه وتعالي ، قال : أنا آكل.. إذن أنا موجود.
وقال الشاعر الإنجليزي اللورد جورج غوردون بايرون مؤسس البيرونية: أنا أحب.. إذن أنا موجود.
وقال الأديب التشيكي فرانس كافكا، رائد الكتابة الكابوسية: أنا خائف.. إذن أنا موجود.
مقولة كل واحد من هؤلاء دلت علي فكره الكامن في أعماق نفسه ، علي نظرته للعالم والإنسانية .
وفي حياتنا اليومية نصادف أشخاص قد لا يكون لهم نصيب في الثقافة المكتوبة،
ولكننا نتعلم منه ومن حكمته ، والشهادات العلمية لا تكون أبداً هي الدليل الوحيد لثقافة حاملها .
وقد كتبت مقالتي هذه بهدف واحد أن ينظر كل منا للأخر باحترام ، وأن لا يسفه أحدنا فكر الأخر .
التعليقات مغلقة.