موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

“أنا عائدة. لا ترتكب أي حماقة حتى أعود”… خالد العجماوى

242

“أنا عائدة. لا ترتكب أي حماقة حتى أعود”…

خالد العجماوى

“أنا عائدة. لا ترتكب أي حماقة حتى أعود”


كانت تقولها كل مرة. وكنت أرتكب حماقة، ثم تعود فتؤنبني، ثم تصالحني، ونمرح سويا حتى يغلبنا النعاس فننام حتى يأتينا الصباح.


لن أسمح للزمن أن يمر. على عقارب الساعة أن تتوقف، وعلى الشمس أن تنام نومتها الأبدية وأن تنسى الإشراق. لأجلك يا أمي سأفعلها، وسأعلق القمر فوق السماء كطبق فضي لامع فوق حائط غرفتي فلا أدعه يبرح كبد السماء. قال الطبيب في المشفى إنه لا أمل، وأنه لم يبق لأمي سوى ساعات قليلة كي تتوقف أنفاسها وتتركنا. بدا أبي يائسا. احمرت عيناه وتهدج صوته وطأطأ رأسه. سأتركك لصمتك وحزنك وعجزك إذن، وسأذهب أنا في خطتي التي وضعتها لإنقاذ ماما. كانت لا تزال التاسعة. لايزال ثمة ثلاث ساعات على منتصف الليل، ولا أشك أن جيراننا لا زالوا مستيقظين.

  • انزعوا بطاريات الساعات في بيوتكم. أوقفوا عقارب الزمن لديكم.
    فعلوها دون تردد. نظروا إليّ في إشفاق وحيرة، ولكنهم انصاعوا للخطة دون جدال. قمت بدوري في الخطة كذلك. وقفت على الكرسي الكبير كي تطال يدي ساعة البندول في منتصف الصالة الكبيرة عندنا، وأمسكت بالبندول وخلعت رأسه. كدت أنسى والدي. لم يتبق على منتصف الليل سوى دقائق. سألته أن يعطل ساعة يده. استغرب طلبي ولكني سألته أن يفعلها كي ينقذ زوجته التي هي ماما. وجدت دموعه وقد انهمرت من عيون ذابلة. افعلها لأجلي يا أبي. أعدك أن تنجح خطتي. فقط افعلها.
    توقفت الساعات. هكذا أخبرني صديقي، وجيراني وأبي. لم تعد ثمة دقات منتظمة ورتيبة. ظلت عيناي معلقة بالسماء السوداء، وذاك الطبق الفضي اللامع في وسطها ككشاف نور وسط الظلمة. حاولت ألا أغفل. ثم رأيت جيراننا يصدرون أصواتا مزعجة تشبه الزغاريد، وهم يتوافدون على منزلنا كأفواج من الحجيج. نظرت إلى السماء فوجدتها سوداء كما هي. عرفت أن خطتي نجحت. وفرحت لما وجدتهم يحملون أمي على أكتافهم كي يوصلوها غرفتها. أوحشتني ماما! ارتكبت حماقة ولكنها كانت سببا في رجوعك كي نعود فنمرح!
    وجدت النسوة يدخلن عليها الواحدة تلو الأخرى وهن يطلقن تلك الأصوات العالية. أهكذا يبدين الفرحة؟!. دخلت واحدة وطلبت طستا فيه ماء وخرق، وطلبت ألا يدخل عليها أحد إلا بإذنها. أفهم أن يتم تزويق ماما كعروس بعد أن نجحت خطتي، ولكن لماذا لا يتم الاحتفاء بي؟
    أنا البطل الذي أوقف الزمن ووقف على الكرسي وقتل البندول. لماذا لم تطلب ماما أن تراني؟ هل نستني في غمرة تلك الاحتفالات؟ لقد أوقفت الزمن من أجلك ماما. أين حضنك إذن؟ أين مكافأتي؟ نسيتيني وتركت تلك المرأة تزوقك دون حتى أن تشكريني. سأتركك الآن، ولكني لن أنسى أن أعاتبك لأنك تركتني في غمرة فرحتك. ظللت أرقب السماء وذاك الطبق الفضي في المنتصف. حاولت ألا أغفل. لمحت بصيص ضوء يأتي كشبح أحمر من بعيد. انتابني الفزع. كيف عرف طريقه وقد خلعت البندول من ساعة الصالة الكبيرة! وجدته يهجم من بعيد وقد زادت سطوته. اتسعت عيناي وأنا أرقب القمر وقد بدأ يخفت رويدا، ونور الشفق يغزو السماء فيحيل ظلامها إلى نور بغيض. أفقت عليهم يحملون أمي في ثوب أبيض يغطيها حتى وجهها، وينزلون بها إلى حيث لا أدري.
    لا بد أن ثمة خطأ ما. ذهبت إلى صديقي. أقسم أنه عطل ساعته. رجعت إلى بيتنا ونظرت إلى البندول في الصالة. كان جثة. نظرت إلى القمر فوجدته قد اختفى. خائن! تركني وهرب أمام سطوة النهار. كيف عرف طريقه إلى السماء؟ كيف؟ علا صوت أنفاسي وسمعت دقات قلبي تدق قوية وغاضبة وقد تملكني البكاء. أنفاسي وقلبي! كانت الأنفاس تتردد في جنبات صدري طوال الوقت في انتظام ورتابة.وكان دق قلبي منتظما في داخلي..تماما كالبندول! أوقفت الساعات ونسيت نفسي! تسلل الزمن من خلال شهيقي وزفيري. خلعت رأس البندول على ساعة الحائط الكبيرة، ولكني لم أخلعه داخل تجويف صدري.
    سامحيني ماما..فشلت خطتي. لقد تسللت الساعات من خلالي. فمرت، وأخذتك مني إلى حيث تلك الغرفة السفلية هناك. ماما لقد ارتكبت حماقة مثل كل مرة، فلماذا لم تعودي ككل مرة؟ فتحت الباب وركضت مسرعا. لا أدري كيف عرفت طريقي ولكني وصلت حيث وجدتهم يضعونها في الأسفل. كان الغسق على وشك، وقد توارت الشمس بعد أن حققت انتصارها اليومي المعتاد، على وعد بانتصار في اليوم الذي يليه. ربضت على الأرض المتربة، ووضعت خدي على أديمها علّي أسمع همسك المحبب إلي. ارتكبت حماقة يا أمي فعودي. أغمضت عيني وقد انكمشت كنقطة صغيرة. هل أستعطف هذا التراب فينفتح عن بابه الكبير، كي أدخل وأعود بها إلى البيت؟
    سقطت على خدي قطرة. ثم قطرتان، فثلاث..تساقطت حبات المطر بعد أن أسبل الليل خمائله، واشتد البرد وقد عصفت الريح.
    خدي على التراب. أستمع إلى قطرات الماء تسقط بانتظام ورتابة. أكاد أسمع صوت خطوات لحيوان بقوائم أربعة يحوم حولي..خطواته على الأرض تسير بانتظام، ورتابة. وكأني لمحت حمامة في جوف الظلام تنقر الأرض كذلك..بانتظام ورتابة..أسمع دقات قلبي، وأحس أنفاسي..كأن البندول يعاقبني، كسرت رأسه، فحضرت إلي أشباحه تحاصرني.

  • أ لم أقل لك ألا ترتكب حماقة؟
  • اشتقت إليكِ.
  • سامحتك!
  • هل تعودي؟
    ضحكت..
  • أنت عدت!
  • هل سنمرح حتى الصباح؟
  • لن نحتاج إلى صباح.
  • ماما..لم أعد أسمع دق البندول!
  • نعم يا صغيري. لقد نجحت خطتك.

التعليقات مغلقة.