أنا عصام قابيل قبل إنتشار كورونا -قصة قصيرة
عصام قابيل
وقف متكئاً على سور حديقة الأزبكية وقد أعياه التعب بعد عناءِ يومٍ طويل وهو يبحث عن عمل ٍ يقتات منه هو وأولاده بعد أن تدهورت الأمور بشكلٍ غير مسبوق وهو ينظر إلى ثيابه الرثة التي ليس لها بديل بعد أن باع كل مايملك حتى الثياب وحذائه الذي تمزق ولم يعُد يستطيع شراء غيره ثم نظر إلى أقرب مقعدٍ خشبي بجواره وقرر أن يستريح قليلاً فجلس وهو ينظر حول المقعد لعله يجد ورقة نقود تبحث عن يدٍ ضالة ولكنه لم يجد إلا ورقة من جريدة لفت نظره فيها عنوانٌ مكتوب ” الحمدلله إنحسار كورونا وعودة الحياة ” وفي جانب الورقة خبر صغير ” فك الحظر عن المساجد وعودة صلاة التراويح نظر إليها في حسرة وقد زرفت عيناه دمعتان ساخنتان وهو يتابع التاريخ وتركها ويقول في نفسه ” لقد مر عامٌ كامل على زوال هذا المارد القاتل ولازلت تبحث عن عمل ياعصام قابيل” ، ولم تمر دقيقة حتى رأى رجلٌ يمر من أمامه يمشي في زهوٍ وقوة ونظر إليه فإذا هو شديد الشبه به لدرجة ملفتة وكانه ينظر في المرآة نظر إليه مرة أخرى وإلى ثيابه وحذائه اللامع – منتهى الشياكة والأناقة ثم أعاد النظر إلى وجهه وقد همس “سبحان الله ماهذا الشبه العجيب” ثم نهض وسار خلفه متتبعاً خطواته وهو يتلصص النظر إليه حتى لمحه فتوقف قليلاً فوقف عصام ثم تابع السير فتبعه عصام فأسرع الخطى فأسرع يسري فوقف الرجل عند آخر الحديقة فوقف عصام فاستدار الرجل وهو يختلس النظر إلى عصام ثم وضع يده في جيب البدلة وأخرج وريقة وتناول قلمه وكتب فيها شيئاً وأعاد النظر إلى عصام مرة أخرى ثم ألقى بالوريقة على الأرض وكأنها تطير كفراشة ضالة ثم انصرف، تقدم عصام وانحنى يحلق على الورقة وهي تطير يمنة ويسرة حتى أمسك بها وبسرعة الفضول فتحها ليرى فإذا مكتوبٌ فيها ” أنا عصام قابيل قبل إنتشار كورونا “
التعليقات مغلقة.