أيُّها الرَّجلُ البرونزيُّ…

رباب حسن الجورية

أيُّها الرَّجلُ البرونزيُّ
تعريف….
يتميّزُ معدنُ البرونزِ النحتيِّ بأنَّهُ يمكنُ تشكيلُهُ بأشكالَ مختلفةٍ لا حدودَ لها تقريباً، ويأخذُ هذا النوعُ شكلَ أيِّ قالبٍ يوضعُ فيه بدقةٍ، ويستخدمُ بكثرةٍ في نحتِ أعمالٍ مثلَ التماثيلِ البشريةِ والمناظرِ الطَّبيعيةِ.

 وأنتَ..

أيُّها الرَّجلُ البرونزيُّ.
.. كم قالبٍ يصنعُك.!!
وكم وجهٍ تحملُ!!..
أنتَ صانعٌ جيدٌ لمحطاتِ الهجرِ.. المتوّحشةِ
وصانعٌ جيدٌ لأوشحةِ… اللقاءِ التّالفةِ..
.. أنتَ..
أيُّها الرجلُ البرونزيُّ… أخبرْني..
كم قناعٍ لازالَ لديكَ..
لتمزّقَ بأنيابِهِ قلبي
وتُعرّي حقيبةَ آثامي بكَ
..وهي تحتضنُ عُشبَك الملوّثَ
وتزيد من ثَقبِ حَنْجرتي..
التي طالما شهقَتْ عشقَك
أنتَ ناحتٌ جيدٌ للجرحِ
تملكُ للرَّقصِ.. معي
ألفَ ذراعٍ…وللقائي
مئةَ لونٍ للجلدِ….
. تحتَ وشاحِكَ البرونزيِّ اللامعِ..
يتغيّرُ لونُكَ مع كلِّ بزوغٍ للشَّمسِ..
كالسَّاحرِ أنتَ… تُجيد فنَ الاختفاءِ
تجيدُ فنَ الكذبِ
صوتُكَ.. آهٍ من صوتِكَ..
كنتُ أسمعُهُ
كعواءِ الذئابِ يعوي بخبثٍ
وهو يقرعُ جُدرانَ قلبي… ليثقبَهُ..
ألفَ وألفَ ثَقْبٍ….. وأصمتُ
صدرُكَ…
.صندوقٌ من الموسيقى..
يعزفُ مع كلِّ نبضةٍ..
مئةَ لحنٍ…
يحملُ آلافَ النوتاتِ السَّامة.
وناياً مسعوراً.. لخِداعي
يصبُّ على مَسمعي
فيَصهَرُ عظامَ صدري
شوقاً.. ووجعاً. وفراقاً
أيُّها الرَّجلُ البرونزيُّ…
كسلاحٍ نَوويٍّ أنتَ..
متعددِ الانفجاراتِ..
متعدّدِ الطّعناتِ..
لا يُرمَى منك سهمٌ.. إلّا وأصابَ
رجلُ يصعبُ لمسَهُ.
.. كالألعابِ الناريّةِ.
حين تتشكّلُ بسماءٍ..
دسمةِ الظلامِ
لترسمَ أقماراً. وأصدافًا زائفةً
فتجذبَ الأبصارَ إليها
ومن ثَمَّ
تحرقُ أقدامَ اللهفةِ
وتُوقظُ الشيطانَ بكَ…
كم أنتَ بارعٌ!!!!
ولكنَّ اليومَ.. أيُّها البُرونزيُّ….
وها هنا… لا مقعدَ لكَ.
انتهى وقتُ المتعةِ
وانتهى العَرضُ سيدي

..

الجورية