إبحار في لوحة الخروج عن القطيع للفنان البولندي توماس كوبيرا
بقلم الفنان غريب حسن
لوحة الخروج عن القطيع لست ادري هل هو الفنان من اطلق هذا الاسم على هذه اللوحة ام ان النقاد والمتابعين هم من رؤوا قطيع وخروج منه او عنه او عليه ربما هذا بالنسبة للشعوب المغلوب على امرها او ان صح التعبير الشعوب التي فيها سياسة القطيع والظلم والعبودية سائدة فهل سيكون بالنسبة للمجتمعات الاخرى التي يسودها الجو الديمقراطي والعدل الى حد كبير او متوسط وهل الفنان فعلا كان يقصد قطيع وخروج عنه سواء كان بما يتعلق بالدكتاتوريات والسياسة او بما يتعلق بالعادات والتقاليد الحاكمة في كثير من المجتمعات والمسيطرة باحكام على كثير من التصرفات ام انها هواجس وفلسفة خاصة بالفنان اراد منها هدف مختلف تماما وخصوصا ان كل اعماله لو نظرنا اليها بتمعن لوجدنا انها تعالج امورا مختلفة الا انها جميعها بلا استثناء تدور في فلك واحد ومدار واحد تخدم وجهة نظر وفلسفة عميقة اراد بها الفنان التحدث عن ما وراء الطبيعة بشكل سريالي واقعي باشخاصه او اشياء اخرى مستخدما الطبيعة بعناصرها وهي خوف من المجهول ونرى ان الفنان يحافظ على الجماليات باللون والتكوين حتى الوجوه اقرب الى الواقعية في اغلبها فهو مزيج بين واقع الحال للحياة بالعموم وللانسان بشكل خاص عبر الفنان بشكل صريح قائلا .”في عملي أحاول الوصول إلى اللاوعي. أريد أن أبقي انتباه المشاهد لفترة أطول. اجعله يريد أن يفكر ويتأملربما جميع اعمال هذا الفنان الكبير تعبر عن ذاته وعن خروجه هو عن المألوف واراد ان يصنع عالما خاصا به بعيدا عن قوانين الحياة واحكامها الارادية بتصرفات البشر والمتمكنين واللاارادية بتحكم الاقدار في هذه اللوحة كما حال اكثر من لوحة تحاكيها بالتكوين والتعبير وتناغمها بالسريالية نفسها والانطباع ذاته ارى ان الفنان يرسم نفسه وما اراده هو متمردا على الحياة باكملها وليس على مسار بعينه نرى ان اللون البرتقالي المائل للصفرة ما هو الا لون حار ليعمل توازن في رماديات اللوحة هو رسم عدد لا متناهي من الاشخاص بنفس اللون والتكوين وجمعهم كانهم شخص واحد يكرر نفسه وهو الانسان فعلا في اي مكان وزمان وكانه يقول ان من الممكن اي انسان مهما بلغ من الهدوء والضعف ان يتحول فجأة الى نقيض ذلك فهي النفس البشرية القابلة للتغيير انا لا ارى قطيع وثائر بل ارى بشر يجمعهم الطبيعة الواحدة واللون والواحد واي منهن في اي لحظة ممكن ان يكون نقيض نفسه ويثور على اي شيء منطلقا من وجهة نظره الشخصية حتى وان كان على خطأالانسان هو محور اللوحة ومركزها والانسان هو الخلفية للوحة جعل منه الكتلة الاساسة في التكوين وجعل من الانسان الظل ايضا بلون رمادي ليستمر وصولا الى الفراغ اللامتناهي وكأن الانسان هو هدف الحياة وهو منتهاها مازجا بعض من اللون الذي يعبر عن مركز اللوحة في لون الفراغ بتناغم جميل ليحافظ على التوازن اللوني واستمرارية الانسان روحا بعد زوال الجسد
التعليقات مغلقة.