إجراءات اقتصادية في مصر لمواجهة تداعيات كورونا
كتب / عصام القيسي
في الوقت الذي بدأ فيه الاقتصاد المصري في تحقيق أعلى معدل نمو اقتصادي بين دول العالم وبدأت مصر تجني ثمار رؤية مصر 2030 والتي أطلقها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية وتسير مصر على نهجها بخطى جادة .
تاتي الأزمة العالمية والوباء العالمي كورونا وتداعياتها الاقتصادية لتضع مصر في مواجهة تلك الأزمة وامتصاص أثرها الواضح على الاقتصاد المصري مثلها مثل كل اقتصاديات العالم .
ولمواجهة تداعيات الأزمة اجتمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، ووزير المالية الدكتور محمد معيط ونائبى وزير المالية للسياسات المالية وللخزانة العامة.
ووجه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى، بالمتابعة الدقيقة ودراسة الموقف بانتظام فيما يتعلق بالتداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا، بهدف العمل على صون المكتسبات التى تحققت نتيجة الإصلاح الاقتصادى، بما فيها ضمان استقرار السياسات المالية، والحفاظ على المسار الاقتصادى الآمن للدولة.
وأكد الدكتور محمد معيط وزير المالية على صمود الوضع المالى والاقتصادى للدولة حتى الآن وقدرته على التعامل مع التحديات الاقتصادية لفيروس كورونا، بالرغم من انخفاض بعض إيرادات الدولة وزيادة بعض النفقات المرتبطة بالتعامل مع الأزمة.
وقال وزير المالية، إنه فى حالة استمرار تداعيات الازمة لفترات ممتدة فسيتم اللجوء إلى إجراءات تقشفية من خلال مراجعة أو تجميد بعض بنود المصروفات، لضمان قدرة المالية العامة على مواصلة الوفاء بالتزاماتها.
وصرح وزير المالية أنه سيتم اللجوء لإجراءات تقشفية من خلال مراجعة أو تجميد بعض بنود المصروفات، لضمان قدرة المالية العامة على مواصلة الوفاء بالتزاماتها، بالإضافة الى تحديد أولويات الانفاق في بعض البنود الحيوية مثل توفير الانفاق لدعم احتياجات القطاع الطبي، ودعم النشاط الاقتصادي ومساندة القطاعات الاقتصادية الأكثر تضررا، وتوفير مخصصات للسلع الغذائية والسلع الاستراتيجية والأساسية للمواطنين.
وفي ما يتعلق بتقدير الموقف المحدث لإدارة الأوضاع المالية للدولة حتى نهاية العام المالى الجارى 30/6/2020، أشار وزير المالية إلى صمود الوضع المالى والاقتصادى للدولة حتى الآن وقدرته على التعامل مع التحديات والتداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا، وذلك على الرغم من انخفاض بعض إيرادات الدولة نتيجة تلك التداعيات، وزيادة بعض النفقات المرتبطة بالتعامل مع الأزمة، إلا أنه فى حالة استمرار تداعيات أزمة كورونا لفترات ممتدة إلى ما بعد بداية الموازنة العامة الجديدة، فسيتم اللجوء إلى إجراءات تقشفية من خلال مراجعة أو تجميد بعض بنود المصروفات، لضمان قدرة المالية العامة على مواصلة الوفاء بالتزاماتها.
وبعد أن أعلنت منظمة الصحة العالمية WHO أن أزمة كورونا قد تطول أكد خبراء الاقتصاد انه لابد من تطبيق اجراءات تقشفيه وخطة التقشف يجب أن تطبق بالتوازي مع الموازنة الجديدة .
وفي هذا الصدد أكد مدحت الشريف عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب على أهمية ما سبق أن طالب به الحكومة بالجلسة العامة بالبرلمان يوم 3 مايو بشان قيام الحكومة باعداد وتنفيذ خطة تقشفية لافتا الى ضرورة أن يتم وضع خطة واضحة بمعدلات تنفيذ سريعة ذات جدوى ومؤشرات أداء وأهداف وجهات تنفيذ لتنظر أمام البرلمان .
وقال النائب مدحت الشريف ” نحن في مرحلة ادارة ازمة لذا يجب أن تعرض الخطة بالتوازى مع عرض الموازنة في مجلس النواب ومناقشتها وان تضع كل وزارة خطتها في إطار محددات واضحة ” .
وأضاف الشريف أن خطة التقشف لا تعنى فقط ترشيد مصروفات بل ايضا وضع حوكمة لزيادة الموارد وحسن ادارتها وأن يتم وضع منظومة اولويات في حالة الازمة لافتا الى انه على الرغم من أن وزير المالية مسئول عن ارقام المالية العامة في الدولة الا أن ذلك ليس معناها ان يضع هو تلك الخطة منفردا بل على كل وزارة وجهة موازنيه أن تقوم بعملية بوضع الخطة بالتنسيق مع وزارة التخطيط .
وشدد الشريف على ضرورة اجراء تغيير واضح في سياسة الهيئات الحكومية والتي من شأنها توفير المليارات مشيرا الى ظاهرة حرق أموال فوائض الموازنة والتي تلجأ اليها الهيئات الحكومية لمنع تخفيض مخصصاتها في الموازنة العام التالي مطالبا وزارة المالية بتفعيل الرقابة السابقة على الانفاق الحكومي وفك الارتباط بين فوائض الموازنة والمخصصات لتشجيع الهيئات الحكومية على توفير فوائضها والتي قد تقدر بالمليارات يتم اهدارها خلال النصف الثاني من كل عام مالي .
وأوضح النائب مدحت الشريف أنه سبق وأن طالب في الجلسة العامة في يوليو 2018 بإنشاء لجنة برئاسة رئيس مجلس الوزراء لإدارة الدين العام والقروض والمنح وبالفعل صدر قرار بتشكليها خلال اكتوبر 2018 بتوجيه رئاسي بإنشاء اللجنة للدين العام والقروض والحد منها فقط على الرغم من أن ملف المنح يحمل الماليات التي تحتاج الى حوكمة في الانفاق ويجب أن يتم مراجعة موقفها وحساباتها ولا يجب أن تترك لوزارة واحدة هي التي تقوم بتوزيعها على الوزارات المعنية لذا يجب أن تضم الى اللجنة لوجود المليارات واوجه القصور الذى شاهدناه في عصر الوزيرة السابقة للاستثمار والتعاون الدولي من خلال تعيين مستشارين في اطار المجاملات وتعيينهم في اكثر من جهة و اموالها تنفق في مجاملات وبرامج قد لا تحتاجها الجهات المستفيدة بل تفرض عليها .
وأشار الشريف إلى ضرورة تفعيل دور لجنة ادارة الدين العام والقروض والمنح وان يتم مراجعة حقيقية لكافة القروض التي لم يتم السحب منها حتى الان سواء كان سحب جزئى او سحب كلى فطبقا لموازنة 2018-2019 وصلت حجمها ل حوالى 61 مليار جنيه طبقا للجهاز المركزي للمحاسبات والبعض من هذه القروض التي يفرض على بعض الجهات الموازنية سحب ما تبقى من هذه القروض وانفاقها حتى لا يتم اعادتها مرة اخرى والظهور امام القيادة السياسية بأن هناك خلل في عملية قبول القرض .
وأكد الشريف على ضرورة تفعيل ضريبة القيمة المضافة والتي تحتاج الى سرعة في الحوكمة لا بها اهدار في المال العام لان بعض الجهات التي تحصل ضريبة القيمة المضافة غير مسجلة والبعض منها يسدد عن المركز الرئيس فقط وبقية الافرع لا تسجل وبالتالي الضريبة التي يقوم بدفعها المواطن تدخل في جيب الممول مما يستدعى ضرورة وجود منظومة الكترونية يمكن فرضها و تفعيلها في ظل الظروف الحالية لتدقيق المتابعة والحصر.
وأضاف أنه في إطار مراجعة الموازنة المعروضة الان على المجلس للجات الموازنية المختلفة تبين عدم الاخذ في الاعتبار بمؤثرات التي افرزتها تداعيات ازمة الكورونا سواء في جانب المصروفات او جانب الموارد كمثال مشروعات لإنشاء مراكز لخدمة المستثمرين حيث يمكن الاكتفاء بالمراكز المنشأة بالفعل بل وتقييم جدوى استمرار المراكز الفرعية في ضوء التعامل الرقمى مع كافة جهات الحكومة ومنها هيئة الاستثمار كذلك ضرورة تأجيل بعض البنود في الموازنىة الاستثمارية لبعض الجهات الموازنية بان يكون هناك فقه للأولويات فمثلا مشروع التأمين الصحي يفعل في بورسعيد ب 1.3 مليار جنيه وهيئة التأمين الصحي تطلب 2.9 مليار للبدأ في مشروع لتطبيقه في الأقصر وسيناء .
وأشار الشريف الى ضرورة تفعيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد والتي لم يتحقق منها الا قشور واكثرها لتحسين الشكل العام في حين أن هذه الاستراتيجية بها خطوات هى الاهم في التنفيذ بهذه المرحلة الصعبة لترشيد النفقات وحوكمتها كمثال الاصلاح الإداري لمراجعة الهيكلة التنظيمية للحكومة والتي تدفعنا الى دمج عدد من الوزارات والكيانات في ضوء ما افرزته الازمة واللجوء الى خدمات التعهدي والتي تعنى بأن نعهد لبعض شركات القطاع الخاص للقيام بالخدمات المعاونة بأجهزة الدولة المختلفة والتي يمكن ان توفر اموال طائلة وتساعد على كفاءة الاداء وتنعش البيئة الاقتصادية وتفتح مجالات عمل امام الشباب كمثال قطاع النقل بأنواعه وما يشمله من اموال طائلة تنفق من الخزانة العامة وأن يسند الأمر لشركات خاصة لافتا الى ضرورة تدوير الوظائف بحيث يتم توجيه الزيادة الحقيقية في اعداد العاملين لتدعيم النقص في اماكن اخرى وفقا لتقييم حقيقي على ارض الواقع تحت اشراف الجهاز المركزي للتنظيم والادارة وعلى الحكومة ان تتقدم بمشروعات القوانين المدرجة في استراتيجية مكافحة الفساد لحكومة اجراءات الوقاية الحقيقية دون تأجيل .
مشددا على البدء في استغلال قاعدة البيانات الخاصة بالحسابات والصناديق الخاصة التي توصلت اليها اللجنة المشكلة من وزارة المالية بالتعاون مع اللجنة الاقتصادية بناء على متابعته حيث أن هذه الصناديق والحسابات وفرت تمويل من 80 الى 100 مليار جنيه لمصروفات الموازنة العامة لهذا العام.
فيما أكدت بسنت فهمى الخبيرة المصرفية وعضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، أن موازنة الحالية 2019-2020 الحالية تعانى من خلل واضح ما بين ضعف الايرادات وزيادة فى النفقات خاصة المرتبطة بالأزمة الحالية وهى انتشار فيروس الكورونا .
وأضافت أن الخلل في الموازنة لم يكن قاصر على مصر فقط بل عانت منه اقتصاديات العالم كله لافتة الى أن أزمة الكورونا حدثت بشكل مفاجئ وعلى الرغم من ذلك نجحت الموازنة الحالية في تحمله حتى الان الامر يستلزم اجراء خطة عاجلة للتقشف كعلاج سريع على غرار ما قامت به الدول العربية والاجنبية .
وأشارت الى ضرورة وضع تلك الخطة بشكل عاجل ليتم مناقشتها بالبرلمان حتى يتم تطبيقها بالتوازي مع الموازنة الجديدة 2020-2021 لافتا الى وجود العديد من البنود التي يمكن أن يتم توفير المليارات منها في مقدمتها إعادة النظر في عدد الوزارات والهيئات المكاتب التجارية ومراكز المستثمرين على الرغم من تأثر الاستثمار
بقرار وزير المالية .
وقالت سهر الدماطى الخبيرة المصرفية ونائب رئيس بنك مصر السابق، إن تصريحات وزير المالية الخاصة باحتمال اتخاذ إجراءات تقشفية حال استمرار تداعيات أزمة فيروس كورونا مهمة جدا .
وأكدت أن الاقتصاد المصري يمر بفترة حرجة جدا نتيجة انتشار فيروس كورونا فهناك قطاعات تشكل مواردها نسبة كبيرة من إيرادات الموازنة وتدر عملة أجنبية توقفت مثل السياحة والطيران والاستثمار المباشر، ـكذلك تحويلات المصريين بالخارج التي تأثرت نتيجة عودة العمالة المصرية .
وشددت على أهمية الجهود التي قامت بها وزارة المالية لتدبير الموارد المالية الجديدة والخاصة بفرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة، كذلك استحداث وفرض رسوم جديدة مثل عقود اللاعبين الرياضيين والأجهزة الفنية، وتراخيص الشركات الرياضية، وأجهزة المحمول والإكسسوارات وعلى التبغ الخام أو غير المُصنع والتي من شأنها خلق مصادر جديدة للدخل.
وأكدت الدماطى أهمية تطبيق خطة التقشف حتى نستطيع أن نكمل مسيرتنا خلال الفترة القادمة متوقعة ألا تضمن الخطة دمج أى هيئات لأن ذلك الأمر يحتاج إلى وقت طويل “من عام إلى عامين” قائلة ليس لدينا رفاهية الوقت لذا يجب أن نتجه إلى توفير مصادر مالية نقلل بها المصروفات وبسرعة.
أكد هاني أبو الفتوح الخبير المصرفي أهمية قرار وزير المالية الأخير الخاص باحتمال اتخاذ إجراءات تقشفية حال استمرار تداعيات أزمة فيروس كورونا لافتا إلى أن القرار يعتبر خطوة لا مفر منها للمحافظة على المكاسب التي حققها برنامج الإصلاح الاقتصادي .
وأضاف أن الدول الغنية أيضا قررت متابعة هذا المسار بوضع خطط للتقشف مشيرا إلى أن معظم البلدان لن تستطيع أن تتحمل تكلفة الفاتورة الباهظة لمعالجة التداعيات السلبية التي فرضها انتشار فيروس كورونا على الاقتصاد في جميع دول العالم وبصفة عامة تتمثل الإجراءات في فرض مزيد من الرسوم والضرائب إلى جانب تنفيذ خطة تقشفية في بنود الموازنة وتأجيل أو إلغاء الانفاق على بعض البنود.
وأشار أبو الفتوح إلى أن المملكة العربية السعودية قررت في إطار إجراءات تقشفية فرضتها أزمة انتشار فيروس كورونا، رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% بدءا من الأول من يوليو، وإيقاف بدل غلاء المعيشة بداية من شهر يونيو 2020. كما قررت إلغاء أو تمديد أو تأجيل بعض بنود النفقات التشغيلية والرأسمالية لعدد من الجهات الحكومية، وخفض اعتمادات عدد من المشاريع الكبرى للعام المالي 2020.
في الوقت الذي يشار اليه الى ان الحكومة تضع خطة علاج لمواجهة تداعيات كورونا اخذت في الاعتبار الإجراءات التقشفية التي لا مفر منها اذا امتدت التداعيات فترة أطول .
ومع تصريح منظمة الصحة العالمية WHO أن أزمة كورونا قد تطول لسنوات وقد تزيد في تداعياتها يأتي قرار الحكومة المصرية باتخاذ إجراءات تقشفيه ليكون قرار وإجراء حتمي ، في الوقت الذي تعاني فيه الدولة المصرية من سلوكيات كثير من المواطنين وعدم تنفيذ الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الدولة المصرية لمواجهة أزمة كورونا.
التعليقات مغلقة.