إشراقة أمل.بقلم.بوعون العيد
في دروب الحياة تسير قافلةالأيام صوب غد نتمثّله واحة رحراحة نتفيأ ظلالها كلما اشتدّت رمْضاء الأيام ، وملجأ يقينا عادية القرِّ ، وبين مسالكها تتضح الرّؤى بين سهل ووعْر ، وعامر ،وغَامر ، وجدب وقفر ، ورياض غنّاء معشوشبة بألوان النبات مشتبهات و غير مشتبهات ، وغدران مطّردة متسلسلة تنبسط في تلك الديباجة الخضراء ، كما تنبسط النجوم البيضاء في الديباجة الزرقاء ، وأنا إذ ذاك من الأمر حتى خالجتني خاطرة فارتدّ إلي بصري حسيرا وقلت : لولا سواد الليل ما طلع النهار ، ولولا ظلمات كرى اللّيل الدّاجي لما انبلج فجر يوم جديد ، وبعدما اكفهرّ وجه الأيام ،وتلبدّت سماؤها بغيوم المأساة ،والألم والحاجة ، والمسغبة ، والبعد والشوق ، والفراق ، ٱن لإشراقة الأمل أن تبزغ من مطلع شمس الرّحمة الإلهية ، متمثلة في صورة الإنسانية السّمحاء ، فهي الجامعة الإنسانية التي يلجأ إليها الإنسان كلما أزمته أزمة ، أو حلّت به نازلة من نوازل الدّهر ، وهاهي تتراءى وضّاحة في أهلها الخيّرين؛ الذين يدركون ما أعدّه الله لهم من نعيم ؛ فهم يكفكفون الدّمع ، ويمسحون رأس اليتيم ، ويزرعون البسمة على وجه الفقير،و البائس ، والمحتاح ، ويعودون المرضى ويواسونهم ، هذه الصفة التي تسير مع صاحبها حيث سار في برّه، وبحره ، وسهله وحزنه ، وحياته وموته ، وتدور معه حيث دار في إيمانه ،وكفره ، وصلاحه وفساده ، واستقامته وإعوجاجه ، لقد خاطبوا القلوب فتحرّكت نياطها فرحا وحبورا بعد ما كادت تنفطر ألما، وتفؤّدا ،و تورّدت الوجنات وتبسّم الثّغر ، وتهلّلت الأسارير ، واخضّرّ مرجهم بعد جدب وإمحال ، وجرت أخاديد الأمل ، وعادت الطيور مغرّدة معلنة مقدم الرّبيع ، وأيّ هو سوى ربيع الإنسانية بزرعها وضرعها ، ومائها الرّقراق العذب الذي يغذّي سهل الحاجة ووعرها ، يجري متدفقا منسابا نحو أشجار الأيام مشكلا حولها قلادة سعادة.
ما ألذّ وقع نسائم التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع حيث تتعانق الرّحمات بالصدقات ، ليتحرّك موكب المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا في توّاد وتراحم مشكلا لحمة أخوية وجسدا واحدا ، لا تزعزعه رياح العوز ، ولايعفّر نواصيه وحْل التغافل والغفلة .
التعليقات مغلقة.