إصلاح أنفسنا ليس خيارا فلم نعد نمتلك تلك الرفاهية … مقال بقلم إيمان أحيا
كثيرا ما أتوقف عند غرابتنا في كثير من الأشياء وأحدها وربما يكون أكثرها مبعثا للضيق في نفسي هو إعطاؤها الحق لأنفسنا بالحكم على الآخرين ونعتهم بما لا يُعد ولا يُحصى من الصفات ربما يكون مبعثه فقط خلاف في الفكر أو عدم اتفاق في شيئ آخر ونبقى وكأن الدنيا لا تحتمل اختلافنا رغم أنها حكمة الخالق في خلقه عز وجل منذ بدء الخلق .
ولا أعلم لما قد ندعي في أنفسنا الصلاح المطلق رغم أننا أبعد ما نكون عن هذا الأمر ولا ادل على ذلك من ادعاء كل واحد فينا بالعجز عندما يتوجب عليه حمل مسئولية الاصلاح الحقيقي ألا وهو اصلاح انفسنا أولا ،فلطالما وبالتحديد منذ أن تشكل لدي قدر لا بأس به من الوعي آمنت بهذا الامر ألا وهو أنه بإمكاننا اصلاح محيطنا فقط عندما نصلح أنفسنا ،وأن صلاح الواحد منا يعني صلاح الجميع، فما الكل سوى مجموع كل واحد منا !والحق أن هذا الإيمان ينمو بداخلي كل يوم وسأعيده ترديدا على مسامعي ،ونقشا على السطور حتى تفيض روحي إلى بارئها ،لأنه مهما أنكرنا جميعا أو منفردين بدعوى أسطورية هذا القول أو عدم امكان تحقيقه فلن يكون بمقدور هذا الادعاء أن يجعله حقيقة مهما كانت قوة الجماعة في الإجماع عليه ولن يحيق بهذه الجماعة سوى عاقبة هذا الادعاء وأما أي ظفر آخر فهو محال .
ادراكنا لقوة صلاح كل واحد فينا هو مفتاح الوصول إلى جنة السعادة في الدنيا قبل الآخرة ،وارشاد الله لنا عز وجل إلى كل قيمة عظيمة أوجدها وأوجد لنا معانيها لهو أعظم دليل على إرادة الله لنا بتذوق لذة الشعور بالجنة في هذه الدنيا أولا ،وما أعنيه بالجنة هي جنة النفس وجنة الروح ومن ودون استشعارنا لهذه الجنة بداخلنا أولا ربما لن يتسنى لنا فعل ما يقودنا إلى جنة الآخرة ،وإن كنا لن نصل إليها بأعمالنا مهما عظمت لأن رحمة الله وحدها عز وجل ما بمقدورها استيعابنا وفتح أبواب الجنان لنا ،إلا أن الله عز وجل أوجد لنا الدروب والخيارات في تلك الدروب ومنحنا العقول القادرة على الاختيار أي درب سنسلك وأي خيار سنختار .
و يا لروعة عقولنا لو غرسنا بها ما يعينها على سلك أطيب الدروب ريحا وامهدها سبيلا ولن تكون ممهدة بيسر السير فيها ولكن بعظمة المبتغى من سلوكها وهو وجه الله ورضاه سبحانه ،وكم اتوق إلى ازدحام الدروب الطيبة بالسالكين ،وتوقفنا عن ادعاء عجزنا عن تغيير أنفسنا ومساعدة غيرنا على التغيير أو حتى الوعي الذي يقوده إلى التغيير وليس إدعاؤنا ذلك سوى خيار آخر من ضمن خياراتنا التي لا تنتهي في هذه الحياة ،ولكن طالما نسير جميعا في نفس الدرب من الأعذار فلن نحقق أي نتيجة تختلف عن الاخفاق ،فلما لا نغير وجهتنا ونستعين على أنفسنا بحول الله وقوته؟ وماذا سيضيرنا في سلك درب طيب سلكه أنبياؤنا رضوان الله عليهم قبلنا ؟أليس لنا في قصصهم آيات وعبر ؟ألم يكن كل نبي وحيدا في دعوته إلى الخير والصلاح في قومه إلى أن منً الله عليه بمن اتبعوه ونجوا جميعا وكانت عاقبة من أصموا آذانهم وأعموا أبصارهم الهلاك ؟فلم إذا قد يختار أي واحد منا أن يصم أذنه وأن يعمي بصره عن حاجته لإصلاح نفسه لكي تستقيم حياتنا جميعا؟!
إصلاح انفسنا ليس خيارا فلم نعد نمتلك تلك الرفاهية وإن كان عدم امتلاكنا لها لم يكن متاحا من الأصل ولكننا ظلمنا أنفسنا بظننا أن أنفسنا أبعد ما يكون عن الحاجة للإصلاح ..
التعليقات مغلقة.