إغتراب… محمد مندور

أعلم مدى تقصيري في حقك، سنوات تراكمت حتى حملتها هرمًا على عاتقيك، صرنا عجوزين، بنياني لم يعد يقوى على السير، والهموم تجاوزت حدود اتساعك.
سلامي إليك، أرسله من مخبأي المعزول عن ترهات الحاقدين، أعترف بجهلي الذي تبنى الصمت لغة للحياة، اليوم هو سني الراشد، نبوءة شيخي الذي لامس رأسي في عمري السابع بقولته “لن تنضج إلا عندما تفيض” وها قد فاض بي، سكنت داخل كهف الغربة عن سيئاتهم التي تلاحقني، غضضت الطرف عن سوءاتهم، ورغم ذلك أسمع دبيبهم إلى عقري.
ظننت أن في اجتنابهم حصاد السلام والراحة، وثمرات النجاة ومذاق الهدوء، إلا أن الخطو يقترب والصوت يعلو، ظلامي الخائن وسكينتي الوهمية تآمرا معهم، لم يعد لي غيرك أنت، أنت البصيرة النافذة التي ستمحو آثارهم القادمة.
ضعفنا المخبوء، مكائدهم المدبرة عن العيون، صفات من جنس الرذيلة، سواء بسواء، يشتركان في الأجواء ويحتلان المواجهة، لا يختلفان سوى فيك، في إرادتك التي توجه حسب النية، وصفاء النية تعكر جدا، لوثته قذائفهم بالتلميح تارة، والتعبير الموحي تارة.
إلى هذه اللحظة الأذى الملموس محض توقع، وليس سوء الظن هوى التبعة، إنما الضجيج المتنامي ودقات الأنا تحسب ما تبقى من مسافات قبل الولوج إلى زمني المفصول عن تواجدهم .