إليوس المجنحة بقلم ضي الجلادين
إليوس المجنحة
بقلم ضي الجلادين
ركض لاهثًا صارخًا :(إليووووس….إليوووس…) وقتها استدارت المخاطبة في ذعر لترى صديقها يجاهد لالتقاط أنفاسه ، فسارعت إليه وقالت بجزع : ( ماذا حدث يا تود هل أنت بخير؟..ماذا حدث أجبني….) وعنوة وبينما الأخيرة تحاول استشفاف مغزى ما طرأ لرفيقها طالت حدقتاها شررًا يتطاير في الأفق لترفع رأسها وتقبع راضخة لذلك المشهد المهيب ، نيران ودخان مهول تفجر من مكان تمنت أن يخيب الزمان حدسها تجاهه .
إنطلق الشباب يحذون خطاهم صوب ملجئهم وقد تداعت القلوب وبلغت الحناجر من الخوف ، وما إن شارفوا على الوصول حتى طرقت آذانهم صرخات الأهالي واستغاثاتهم الواهنة ليتجمدوا دون حراك ، لقد اندلعت النيران في ذلك المكان الذي ذرفوا الدماء لبنائه وتحصينه ، مأواهم الوحيد الذي احتضن أشلاءهم وأمانيهم يحترق ويتهاوى وسط الركام .
عندها هتفت إليوس في الجميع بحزم :(فالنخمد تلك النيران بسرعة… البعض سيشكل سلسالًا بشريًا لجلب المياه من النهر وإيصاله إلى هنا… وأما البقية فأسقطوا الأشرعة وأغطية البرج لتطفؤوا بها المكان…هيا أسرعوااا) ونظرت بيأس للخيام مردفة بأسى:( للننقذ ما بقي لنا من حطام ).
شرع الجميع في تنفيذ الأوامر ، إحترقت الجلود وطمثت الوجوه بسواد الموت المقيت وقد اندفعوا مستجدين رب السماء بأن أغثنا لنحقن أرواحنا التي تلبدت بثخنى الدماء ، طالت الحرب بين جهة حملت رايات السلام وأخرى رفعت مناجل الضياع ، إستمر انهمال المياه والأغطية وانتشر الغبار والدخان لتعمي الأبصار .
إنتهى كل شيء….
صمت الصراخ وعم السكون الأرجاء…
تناثر الرماد كذكريات جالت ونالت من الحياة ما تريد وهامت لتغطي جثث القتلى بكساء أسود مقيت عاث في الأرض الفساد….
إرتمى المنقذون أرضًا خارج الملجأ وقد نال منهم الإعياء التام ، جلس أحد الشباب قائلًا بألم:(ضاع كل شيء…كنت أعلم من البداية أن هذه الكارثة ستقع على رؤوسنا وأن السلام لن يدوم يومًا…ماذا سنفعل الآن يا إليوس؟) رمق الجميع مقتحمة النيران التي انتصبت واقفة وقالت بشرود :(أتعلم يا رال بأن ظنوني لم تخالف توقعاتك يومًا؟..تيقنت من حدوثه ولكن السرعة هي من باغتتنا هذه المرة…ليتني أدركت قبلًا كنه تلك الهندباء التي رأيتها في الغابة اليوم تتبختر في الأرجاء… يبدو أن سيدة الدموع لن تتنازل عن بيضتها المجنحة….هذا رائع…) وقتها قال تود بامتعاض :(إذًا لا مناص من ذلك) تبدت الدهشة على وجوه الحاضرين لتردف إليوس عبارتها الدامية :(سيعود الفرسان لأرض المعركة…هيا جهزوا التنانين ولنغزوا قصر الدموع).
يتبع…..
التعليقات مغلقة.