” إنَّا جعلنا ما على الأرض زينةً لها لنبلوهم أيهما أحسن عملا” المبتلون زينةٌ للأرض .
” إنَّا جعلنا ما على الأرض زينةً لها لنبلوهم أيهما أحسن عملا” المبتلون زينةٌ للأرض .
بقلم أشرف خاطر
الحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه ،
تمر السبعة أيامٍ من الجمعة إلى الجمعة ويتجدد اللقاء مع سورة الكهف وفِي رحاب الآية السابعة منها ومع مفهومٍ للزينة خاص بهذة الآية الكريمة لم نعهده فيما ورد من مفهومٍ عام للزينة ورد بآيات كثيرة بالقرآن الكريم ، قال تعالى : ( وجعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسنُ عملا ) الكهف الآيه ٧
لنتأمّل معاً قوله سبحانه ( زينة لها ) ولَم يقل سبحانه ( زينة لهم ) ؟
هناك فرقٌ بين ( زينة الأرض ) وبين ( زينة للأرض ) ، فالهاء في ( لها ) تجعل الزينة للأرض نفسها ، أما ( هم ) فتجعل الزينة لمن على الأرض ،
قوله تعالى ( جعلنا ما على الأرض ) على الأرض هي مادة الزينة للأرض ، وهذا لأول مرة يخالف ما عهدناه في ورود لفظ الزينة في القرآن الكريم ، حيث تشير الزينة على مايدركه الإنسان من خيرات الأرض وبركاتها ومتع الحياة وملذّاتها والتي يشترك في تحصيلها المؤمن والكافر على حدٍ سواء ، وإن كانت للمؤمنين بالأصالة فمشاركة الكفار لهم فيها عارض وذلك لوجودهم في الحياة لقوله تعالى ؛ ( قل من حَرَّم زينة الله التي أخرج لعباده والطَّيِّبَات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصةً يوم القيامة كذلك نفّصل الآيات لقومٍ يعلمون ) الأعراف آيه ٣٢.
هناك فرق كبير بين ( زينة الأرض ) وبين ( زينة للأرض ) فهل تستشعر الأرض وتشعر بمن يكون زينةً لها ؟ ومن هم الزينة لها في الآية الكريمة ؟
نعم بكل تأكيد لأن الله سبحانه وتعالى خاطب الأرض في طوفان نوح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ، فقال تعالى : ( وَقِيل ياأرضُ إبلعي ماءك وياسماء أقلعي وغيض الماء …..) هود ٤٤
قال تعالى : ( ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض إئتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين ) فُصلّت ١١
وهل للأرض حياة ؟ نعم بكل تأكيد ، قال تعالى : ( كلُّ شَيْءٍ هالك إلا وجهه ) القصص ٨٨ ، فالأرض شيءٌ وتهلك ومن يهلك فله حياة قبل أن يهلك .
وعن أنس بن مالك قال : صعد النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر وعثمان ، فرجف الجبل فضرب النبي برجله ضربة وقال : أثبت أُحد ، فإن عليك نبيٌ وصدّيق وشهيدان ) . وقال عليه الصلاة والسلام : ( أُحد جبلٌ يحبنا ونحبه ) .
في التفسير الكبير ( اختلف معظم المفسرين في تفسير هذة الزينة، فقال بعضهم النبات والشجر والذهب والفضة والمعادن وقال بعضهم : بل المراد الناس فهم زينة الأرض .
وفِي تفسير القرطبي تفسير الآيه فيه مسألتان الاولى : الزينة كل ما على وجه الأرض ، والثانية : قال ابن جرير عن ابن عباس : أراد بالزينة الرجال ، قال مجاهد وروي عن عكرمة عن ابن عباس ان الزينة الخلفاء والامراء ، وروي عن مجاهد عن ابن عباس : أراد بالزينة الرجال .
وفقني الله سبحانه وتعالى إلى مفهوم الزينة في هذة الآية الكريمة ، قال تعالى ( وجعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا ) الكهف ٧ ، فالزينة هنا هي ( المُبتلون من المؤمنين رجالاً ونساءا) لأن وجود كلمة ( لها ) الهاء تعود على الأرض بزينة لها لنفسها ، وكانت الناس والرجال هما الأقرب الى ان يكونا هما الزينة المقصودة بالآية الكريمة ، وإضافة المبتلين من الناس لها دلالة عظيمة بأن الإبتلاء أظهر الأحسن من الحسن ، في قوله تعالى : ( لنبلوهم أيهم أحسن عملا) ، كما أنه مما فتح الله به علينا ، أن ترتيب هذة الآية هي السابعة في السورة المباركة ، ويقابله عدد المبتلين بالسورة سبعة من المبتلين وهم على الترتيب كما وردوا:
١- سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، من قوله تعالى : ( فلعلك باخعٌ نفسك على آثارهم … ) الكهف آيه ٦
٢- أصحاب الكهف ٣- صاحب الجنتين ٤- أصحاب السفينة ٥- والدا الغلام المقتول ٦- قوم عين الحمئة في مغرب الشمس مع ذي القرنين ٧- قوم مطلع الشمس وإبتلائهم بيأجوج ومأجوج ، مع ذي القرنين . هؤلاء سبعة .
ومفهوم الزينة للأرض بالآيه السابعه بأنها : المبتلون من المؤمنين ) يحمل البشرى لكل من أُبتليَ أو أُبتليت بإبنٍ أو إبنّة أو أبٍ أو أُمٍ مقعدّة ، بأنهم زينة البيت ونوّارته وأنهم مصدر الخير الوفير للبيت ووجوههم تتلألأ نوراً وضياء ، وإن سألت أوليائهم المبتلين بهم ليقولنّ بأنهم ليسوا فقط زينة البيت بل زينة الأرض والدنيا .
كما أن أوجه الزينة بالعموم سبعة كما وردت بالقرآن الكريم كالتالي : ١- الحُسن . من قوله تعالى ؛ زُيِّن للناس حب الشهوات من النساء والبنين ) آلِ عمران ٧
٢- الحُلي . من قوله تعالى : ولكنَّا حُمّلنا أوزاراً من زينة القوم فقذفناها ) طه٨٧
٣- الزهرة . من قوله تعالى : المال والبنون زينة الحياة الدنيا ) الكهف ٤٦
٤- الحَشَم. من قوله تعالى : ( فخرج على قومه في زينته ) القصص ٧٩
٥- الملابس. من قوله تعالى : ( خذوا زينتكم عند كل مسجد ) الاعراف ٣١
٦- زخارف الارض .من قوله تعالى حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وأزيّنت ) يونس ٢٤
٧- النجوم والكواكب . من قوله تعالى : وزينّا السماء الدنيا بمصابيح ) فصلت ١٢
وهؤلاء سبعة أوجه للزينة في العموم .
اللهمّ علّمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتناوزدنا علماً ، واشف مرضانا وعاف مُبتلانا، وتوفنا وأنت راضٍ عنا يا أرحم الراحمين .
بقلمي : أشرف خاطر .
التعليقات مغلقة.