إهداء إلى اللغة العربية وكل محبيها : معشوقةٌ أهواها …شعر د. وجيهة السطل
١-قد عشتُ عُمري ما عشِقتُ سواها
وتدفَّقَتْ رُوحي تصوغُ رُؤاها
٢- مذ كنتُ ألهو في الطفولَةِ عشتُها
نغمًا يعانقُ مِسْمَعيَّ صداها
٣-وسَمِعْتُها تزهو بأجملِ حُلَّةٍ
قرآنِ ربي، بالبيانِ حباها
٤- يتلوهُ شيخٌ قد رَواني علْمُه
لُغَتي تعَهَّدَ في الصِبًا ورعَاها
٥- أُصغي لأسمعَ في الليالي صوتَه
يتلوهُ قُرآنًا يزيدُ عُلاها
***
٦- رحِمَ الإلهُ الشيخَ أحمدَ والدي
لولاه يومًا لم أفُزْ برضاها
٧- مُذ كنت يافعةً، سقاني حُبَٓها
فحملتُ شعلتَها ،عشِقتُ ضِياها
٨- دلِّلتُها وسبَحُتُ في أمواجِها
وشربتُها، ونَعِمْتُ من ريّاها
***
٩- لغتي عشقتُ فيا مشاعرُ هلِّلي
لاتسألوني كم أنا أهواها
١٠- رقَّتْ وأبدعَتِ الجمالَ حروفُها
وروَتْ فؤادي من نَميرِ رُواها
١١- فكتبتُها شعرًا وكنتُ صغيرةً
وغذوتُها حرفًا زَهَا تيَّاها
***
١٢- أسماءُ أجملُ من تكلَّم، واحتوى
لغةً،وكُلَّ حنانِه أعطاها
١٣- كانتْ مُعلمتي رعاني حِضنُها
سَقَتِ الغراسَ وأحسَنَتْ مرعاها
١٤- وتعهَّدتْ شِعري وكنت صبيَّةً
وبَراعِمي ما فتَّحَتْ لولاها
***
١٥- لغتي سميري بل نسيجُ هُويَّتي
وكطيبِ شَهدٍ في الجِنانِ جَناها
١٦- لُغتي سَموْتُ بحبِّها فتألَّقتْ
منّي المشاعرُ عذْبُها وجواها
١٧- لغةٌ بها تسمو العقولُ وترتقي
تعيا المعاجمُ عن بلوغِ مَداها
١٨- لنْ يستطيعَ الشعرُ جنيَ كنوزِها
والنثرُ يلهثُ كي يطالَ سماها
١٩- هي دوحةٌ في ظِلِّها تحلو الرؤى
فيظلُّ يعبَقُ بالشذا معناها
٢٠- أصواتُها عزفٌ يَلَذُّ سماعُه
إنْ عاشقٌ أصغى لها وتلاها
٢١- وتوافُقٌ في الجَرْسِ بينَ حُروفِها
إعرابُها أعطى الحروفَ بهاها
***
٢٢- أَجدَادُنا مَنْ أشبَعُوها عزَّةً
من فَيضِ مجدِهِمُ زَهَتْ تتباهى
٢٣- لم يهمِلوها بلْ تَسَابقَ سعيُهمْ
وبكلِّ فرعٍ في العلومِ سَقاها
٢٤- والحرفُ أَزْهَرَ في رياضِ ذَكائِهِم
نَقَلَ العُلومَ بِدِقَّةٍ وَحَواها
***
٢٥- لغةٌ تحدَّثَ عن خَصائصِها الأُلى
عَرَفُوا اللغاتِ وأدرَكوا مغزاها
٢٦- لا ينطَوِي موجُ الحُروفِ بنُطقِها
فَلَها شواطِئُ حدَّدَتْ أقصاها
٢٧- وبِحارُها أصدافُ دُرٍّ تزدَهي
بِلآلئٍ، كم نشتهي مرآها
٢٨- في كلِّ إبداعٍ تجلَّى سِحرُها
وعلى اللغاتِ بجَرسِها زكَّاها
٢٩- أصواتُها لاتحتوي مُتَنافِرًا
تختارُ من نَغَماتِها أصفاها
٣٠- تخْتالُ عُجْبًا في رداءِ رَشاقةٍ
ويُضيءُ أروِقَةَ الحديثِ سَناها
***
٣١- واليوم -وا أسفاه- ضلَّتْ دربَها
إذ ضلَّ سعيُ الحاملين لِواها
٣٢- نَصرُوا عليها ألْسُنًا مُعوَجَّةً
وعنِ الفصاحَةِ كَمَّموا الأفواها
٣٣- ألغَوا من التعليمِ سَردَ حُروفِها
بقراءةٍ تُعطي الحُروفَ مداها
٣٤- واختلَّ ميزانُ التذَوُّقِ عندَهم
فحَشَوا مناهجَنا بما أعماها
٣٥- رسَمُوا على الجُدرانِ أحرفَ غيرِها
لحُروفِها طَمَسُوا، فلست تراها
٣٦-وإذا تراءَتْ مرّةً مكتوبةً
أخطاؤُهُمْ كم تستبيحُ دماها
٣٧- وإذا استفاقُوا مرَّةً من غَيِّهم
نَطقُوا الحروفَ فأخطأوا مجْراها
٣٨- فمُرقَّقٌ تَبدو بنُطقِهِ غِلظةٌ
ومُفخَّمٌ بمُيوعةٍ قد تاها
***
٣٩- عصَفَ البلاءُ، فهلْ لنا من عَودةٍ
لِرُبوعِها الغنَّاءِ ما أرقاها
٤٠- هي وَاحَتي وهي النعيمُ لمُهجتي
وبها ملكتُ مِنَ المحبَّةِ جاها
٤١- مهما تَآمرتِ الخصومُ لوأْدِها
تَشْمخْ مُعزَّزةً تصونُ حِماها
٤٢- فاللهُ أَلْبَسَها الخلودَ بذكرِه
وَعْدًا عليه بحِفْظِها
أعطاها
التعليقات مغلقة.