موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

إياكم و أموال الناس..بقلم محمد الدكرورى

196

إياكم وأموال الناس

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

إنَّ حقوق العباد مالية كانت أو غير مالية لَمِن أغلظ الحقوق التي يُحاسَب ويُعاقب عنها المسلم ذكرًا كان أو أنثى، وإن مَن مات وفي ذِمَّته مظلَمة وحق لأحد اقتُص مِنه يوم القيامة عن طريق حسناته وسيئات خُصومه ، ومَن مات وليس في ذِمَّته دَين وحقّ لأحد فقد أحرَز لنفسه خيرًا عظيمًا وكبيرًا وقال الله عز وجل (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ، إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء) .

وإن هذا الدين العظيم جاء بالحث على التكافل بين أفراده، والحض على التعاون بينهم ، ومن صور هذا التكافل والتعاون: مشروعيَّة القرض؛ فأباح للمحتاج أن يستدين عند حاجته ، وجعل الإسلام إقراض الآخرين قربةً يتقرَّب بها العبد لربه تعالى ، وان هذا الدَّيْن وإن كان في أصله مباحًا إلاَّ أنه قد حُف بمخاطر مفزعة، ينبغي ألاَّ تغيب عن كل مَن طلب الدَّيْن وابتغى القرض .

ومَن استدان مِنكم واقترض وتسلَّف فليكن لحاجة أو ضرورة، أو نفع، وليس لأجل تَبسطٍ وزيادة تَنعمٍ وترف، وتَوسع في الكماليات، وسفرياتِ نُزهة قل أن تخلو عن محرَّمات قولية أو فعلية أو بصَرية، ولتكن الاستدانة بقدْرٍ معقول يتناسب مع دخله المالي، أو أُجْرة وظيفته، وحاجياته المهمة، حتى لا يُثقِل ذِمته بديون يَعجز عن سدادها، أو يتسبَّبَ في التضييق على معيشةِ مَن أحسن إليه فأقرَضه .

واعلموا أن شَغل الذِّمة بالاستدانة والسلف مِن الناس ليس بالأمر الهيِّن، لأن مَن مات وذِمته مشغولة بدَين لأحد فهو على خطر شديد، لاسيما إذا تساهل ولم يَحرص على السَّداد، فإن الدَّين لِعظم شأنه لا يُكفِّره الجهاد ولا الشهادة في سبيل الله ، وإن الدائن والمُقرِض مُحسن للمدِين، وصاحب فَضل وجَميل وإحسان، وجزاؤه أن يُعامَل بالإحسان، لا المُماطلة والصُّدود والتَّهرب والإتعاب والإهانة عند طلبه سداد دَينه .

وإن من سعادة العَيْش وطيب الحياة أن يسلم المرء من هواجس الدَّيْن ومخاطره، وتنام عينه بعد ذلك ملء جفونها بلا دَيْنٍ مُقلِقٍ ولا غرمٍ مُنتَظر ، وليس عيبًا إخوة الإيمان أن يستدين المرء ويقترض إذا ألجأته الظروف أو نزلت به حاجة؛ فرسول الهدى استدان من حاجةٍ وقضى دَيْنَه، واشترى طعامًا من يهوديٍّ إلى أجلٍ، ورهن درعًا من حديدٍ عند اليهودي.

ولنسمع جميعا إلى خبر ذلك الرجل الذي مشى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قد رخصت عليه نفسه، وحداه شوقه إلى جنَّات ونَهَرٍ، وتعالت همته لاسترضاء مليك مقتدر، فيقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: يا رسول الله، أرأيتَ إن قُتلتُ في سبيل الله؛ تُكَفَّرُ عنِّي خطاياي؟ فقال له رسول الهدى: ” نعم، إن قُتلتَ في سبيل الله وأنت صابر محتسب، مقبِلٌ غير مُدْبِر “.

فلمَّا ولَّى الرجل دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ” كيف قُلْتَ؟ ؛ قال: أرأيتَ إن قُتلتَ في سبيل الله؛ أَتُكَفَّر عنِّي خطاياي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” نعم، وأنت صابر محتسِب، مُقبِلٌ غيرَ مُدْبِر، إلاَّ الدَّيْن؛ فإن جبريل قال لي ذلك ” .

ومَن لم يتمكن مِن السداد في موعده المُحدد فالتهرب والصدود ليسا بإحسان مع الدائن المُحسِن المُتفضِل، ولا هما مِن شِيَم أهل الفضل والمروءة، بل أخلاقهم هي المواجهة مع الاعتذار ببيان سبب التَّأخر، والشُّكر للدائن والدعاء، وطلب الإنظار إلى ميسرة، أو تقسيط الدين، أو التَّخفيف مِنه، وإظهار الحِرص والجِد في رد الدَّين ، وليحذر المَدِين مِن الكذب على الدَّائِن في تَعذرِه عن السَّداد بأحوالٍ وأوضاع مالية غير صحيحة، أو إعطاءِ مواعيد كاذبة تُخلَف، فإن هذا يفعله وللأسف كثير من الناس .

ويقول الله عز وجل فى كتابه الكريم (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) والدوايين يومَ القيامة ثلاثة، ومنها ديوان لا يَتَجاوزُ اللهُ عنهُ وهو ديوانُ حُقوقِ العباد، وهاهُنا مسألةٌ حصلَ فيها تقصيرٌ وتساهل بشأنها لمن ذاقَ طَعمَها، ألَا وهي مَسألةُ الدَّين ، فالناس اليوم يتساهلون بالاستِدانة تَساهُلاً كبيرا، وكثير منهم لا يَدرونَ عن أحكامِها شيئاً، ولَعلَّنا نتكلمُ بشكلٍ سريعٍ عن ذَمِّ الدَّين، وعاقبةِ الاستِدانة..

وقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم “ لَو كانَ لي مِثل أُحُدٍ ذَهَباً ما يَسُرُّني ألّا يمُرَّ عَلَيَّ ثلاثٌ وعِندي منهُ شيءٌ إلّا شيءٌ أرْصُدُهُ لِدَينٍ” (رواه البخاري ومسلم)، فكان النبى الكريم صلى الله عليه وسلم حريصاً على قضاءِ دَينهِ.

وقال صلى الله عليه وسلم “إنْ قُتِلْتَ في سبيلِ اللهِ صابراً مُحْتَسِباً مُقبلاً غيرَ مُدبِرٍ كَفَّرَ اللهُ عنكَ خطاياك إلاّ الدَّين” (رواه مسلم) ، وقال عليهِ الصلاةُ والسلام “سُبحانَ الله ماذا أُنزِلَ من التشديدِ في الدَّين! والذي نفسي بيدهِ لو أنَّ رجلاً قُتلَ في سبيلِ اللهِ ثُمَّ أُحيِيَ، ثم قُتل ثم أُحييَ، ثم قُتل، وعليه دَينٌ ما دخلَ الجنةَ حتّى يُقضى عنهُ دَينُه” رواه أحمد .

وكذلك يتفاوت الناس بحسب حاجتهم، فمنهم من يستدين للكماليات ومنهم يستدين للضروريات، ولذلك يتفاوتون في الذم في الشرع من جهة حاجتهم الحقيقة للاستدانة، إن العَجَب أن بعض المديونين للأسف قد استدان لغير حاجة ماسة، وتحمل الديون العظيمة، وذلك بسبب الإغراق في الكماليات، والبزخ في الحفلات والمناسبات والزواجات والملابس والأثاث وغير ذلك، فيستدين البعض من أجل سيّارة فارهة آخر موديل، ويستدين آخر لكي يسافر للسياحة، بل ربما رأيت من يستدين لأمر محرم وعبث وإسراف .

ولقد بلغ من الترهيب من أمر الدِّين أنَّ النبى الكريم صلى الله عليه وسلم كان إذا أُتي إليه برجلٍ متوفَّى ليصلِّي عليه؛ سأل: ” هل عليه من دَيْنٍ؟ “، فإن قيل: نعم؛ سأل: ” هل ترك وفاءً؟ “، فإن حدث أنه ترك وفاءً صلَّى عليه، وإلا قال: ” صلُّوا على صاحبكم “.

وتُوفِّي رجلٌ من صحابة النبيّ صلى الله عليه وسلم وعليه دَيْنٌ، فلمَّا صلَّى النبي صلى الله عليه وسلم الفجر سأل: ” ها هنا من بني فلان أحدٌ؟ ” قالها ثلاثًا. فقام رجلٌ فقال: أنا منهم؛ فقال عليه الصلاة والسلام: “إن صاحبكم محبوسٌ عن الجنَّة بدَيْنه ” رواه أحمد .

ولذا كان حبيبنا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم كثيرًا ما يستعيذ من الدَّيْن؛ قال أنس بن مالك رضي الله عنه: كنتُ أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكثيرًا ما سمعته يقول: ” اللهم إنِّي أعوذ بك من الهمِّ والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجُبْن، وضَلْع الدَّيْن وغَلَبَة الرِّجال ” .

فإستعن على وفاء دَيْنك بتقوى الله تعالى، اتقِّ الله فيما أخذتَ وما أعطيتَ، فما اتَّقى عبدٌ ربَّه إلاَّ جعل له من أمره يسرًا، وجعل له مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب ، فالمدين لا يكاد يرفع رأسًا حتى يعود دَينه ليطأطئها من جديد، ودائمًا ما يكون شارد الذهن، مشتت الفكر، حائر الفؤاد، عصبي المزاج، متقلب الأحوال، لا يتجرأ أحد على الحديث إليه أو مداعبته، تتردى علاقته بالآخرين يومًا بعد يوم .

وذلك أن الدَّين ذل؛ فمالُ القرض ليس إلا وسمًا في وجه المدين يراه بين الناس ضعةً وصغارًا، والمقرض غالبًا ما يمارس مع المدين دور المتجبر بماله قبل أن يدفعه إليه، لأجل ذلك كره الإسلام الدَّين بلا حاجة ماسة أو ضرورة ملحّة، وحذّر من ذلك أشد التحذير .

والنبى الكريم يوضح لنا الموقف فيقول صلى الله عليه وسلم ” أَتَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ»؟ قَالُوا: المُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، قَالَ «المُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ بِصَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ وَزَكَاتِهِ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا فَيَقْعُدُ فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْتَصّ مَا عَلَيْهِ مِنَ الخَطَايَا أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ” .

وفى النهايه لنعلم جميعا أن الدين هَمٌّ بالليل؛ لأن صاحب الديون يتقلب في فراشه ليلا والناس نيام، يَعُدُّ الدَّيْنَ الذي عليه في النور والظلام، يروح إلى منزله مشوش البال، مشتت الأفكار، شارد الدهن، يفكر دوما في عملية الإنقاذ مما أَغْرَق نفسه فيه من الديون، ويبحث دوما عن الحلول للمشاكل التي أُركس فيها، ويفزع حين يسمع دقات باب منزله، ويرتعش حين يسمع رنات هاتفه، خصوصا إذا دفع مقابل ديونه شيكات بدون رصيد، أو كمبيلات بدون اعتماد، وحساباته في البنك خاوية على عروشها، قد وصلت فيها الخطوط الحمراء إلى نهايتها .

فهذا حال المستدين بالليل؛ هم وحزن وغم، أما بالنهار فتعلوه غيوم الذل والإدانة، وسحوب الاحتقار والإهانة، يحتقر نفسه قبل أن يحتقره غيره، يتوارى عن الأنظار من سوء ديونه، قليلا ما يحضر الأفراح، خوفا من لقاء صاحب الديون فينال منه بالأتراح، ويجرح إحساسه بالأقراح، يهرب منه خوفا من أن يسأله عنها ويفضحه، فيدفعه ذلك إلى أن يكذب عليه، فيعد بما لا يستطيع الوفاء به، ويخون أمانته وإيمانه.

فيجب على المسلم أن يتبع في حياته الاعتدال والاقتصاد، حتى لا يلجأ إلى الاستدانة؛ ولكن إذا دفعته الضرورة بسبب ظروف الحياة إلى ذلك، وجب عليه أن يعقد العزم على التعجيل بالوفاء، وأن ينوي المبادرة في دَيْنه بالقضاء، ليكسب بذلك من الله تعالى المعونة والتأييد في الأداء، قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ” من أخذ أموال الناس وهو يريد أداءها أداها عنه الله، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله “. رواه البخارى .

والمشكله ليس مشكلة في الديون، وإنما المشكله في السداد والأداء، وقد كانت أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها تستدين من غير حاجة وهي غنية، ثم ترد دَيْنها على الفور، فلما سئلت عن ذلك؟ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” من استدان وهو ينوي السداد كان الله في عونه حتى يسدد دينه ” فأحب أن يكون الله في عوني دائماً.

التعليقات مغلقة.