إبن المحظوظة
محمود حمدون
أقسم أنه يقلق راحة الموتى قبل الأحياء , يُثير الغبار أينما حلّ كان يسترسل في حديثه وبوادر ضيق تحوم حول رأسه التفتُ إليه ,وجدته كهلًا على أعتاب الشيخوخة قلت له : رحم الله الفقيد ,عاصرته وهو ملء البصر والسمع أقسم مثلك أنّي لم أشهد إمروءً بمثل طموحه وقدرته على إقناع الناس بحكمة مشروعاته ثم لهاثهم وراءه لمشاركته بأموالهم ومدّخراتهم .
زدتُ في حديثي لجاري : أتذكر أن أحدهم وجدته يبكي بكاءً مرًا يتوسل للفقيد كي يأخذ كل ما يملك من الدنيا من قروش قليلة فلمّا أخذها منه ذهب عن الشريك الروع وأغرورقت عيناه بدمع الفرح وخرج يرقص طربًا كان يُقبل عليه الخلق بمالهم فما زادهم ذلك إلاّ فقرًا وما ردّ دينًا أبدًا لأحد
قبل أن يرّد الكهل خرجت الجنازة يسبقها عويل بعض النسوة خلفهم جموع كيوم الحشر من الناس منهم من أعرفه حق المعرفة وأغلبهم غرباء عن المكان والفقيد . وجدت وجومًا يحل على رؤوس المشيّعين عدا الكهل التي استقرّت على وجهه ابتسامة عريضة ملأت وجهه وعبارة أطلقها ونحن نقترب من باب الوداع : إبن المحظوظة , يجتمع الناس حوله حيّا وميّتًا
التعليقات مغلقة.