موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

احتجاجٌ قصّة قصيرة بقلم عاشور زكي وهبة

288

احتجاجٌ قصّة قصيرة بقلم عاشور زكي وهبة


في صباحِ يومٍ شتويٍّ باردٍ أحجمتْ شمسُه عن الظهورِ، أرعدتِ السماءُ وأبرقتْ، ولفظتِ السُّحبُ الرماديَّةُ ماءَها المُنهمرَ على وجهِ المَدقِّ الترابيِّ الضيقِ المُكفهرِّ الواقعِ بينَ مجرى صغيرٍ لريّ الحقولِ المُتاخِمةِ لمدرسة القرية المُشتَرَكةِ للتعليم الأساسيّ.
بينما تسرَّبتِ المياهُ الزائدةُ إلى المجرى فزادتْ من كدرِهِ؛ تشكَّلتْ بركٌ عطنةٌ في الحفرِ نتيجة التفاعل اللئيمِ بين ذرَّاتِ الثرى وروثِ البهائم المُتراكمِ.
لَزِمَ الطلَّابِ دورَهم إلَّا حفنةٌ من المُلتزمينَ الحفظةِ الّذينََ يلتمسونَ العلمَ، وشرذمةٌ من المُتَسرِّبينَ الحُفاةِ الَّذينَ يبتغونَ الصيدَ في الماءِ العكرِ، يتقدّمهم غلامٌ ذو عينينِ جاحظتينِ وأسنانٍ بارزةٍ، يُطلقونَ ألفاظًا بذيئةً ومقاطعَ من أغانٍ هابطةٍ تدعو إلى العنفِ وتُمَجِّدُ البلطجةَ.
لم يكتملْ اليومُ الدراسيُّ لندرةَ التلاميذِ وسوء الأحوالِ الجويَّةِ، وبما أنَّ أغلبَ المدرّسين ليسوا من البلدةِ فقد عزفوا عن الحضورِ لتُحسَبَ لهم إجازة عارضة.
اعترضَ الولدُ وعصابتُهُ سبيلَ المُعلّمين العائدينَ، وهم يجترُّون أغانيهم العابثة، ويقذفون الماءَ الآسنَ في الحفرِ بأقدامهم الحافيةِ فيتطايرُ على ملابسِ المعلّمين ووجوههم؛ مما دفعهم إلى إعلانِ استنكارهم على سوء تهذيبِ هؤلاء المردة الصغار. وجرى خلفهم أحدُ المُعلّمين الساخطينَ يقذفهم بحجارةٍ صغيرةٍ تقبعُ على قارعةِ الطريقِ الخالي من المارَّةِ، حتّى استطاعَ أن يقبضَ بكلتا يديه على الغلامِ يجرُّهُ من أسمالِهِ، بينما فرَّ رفاقُهُ في الزراعاتِ يطلقونَ سبابًا من أفواههم اللاهثةِ.
لَحِقَ المُعلِّمونَ بزميلهم القابضَ على صيدِهِ الأعجفِ، يوبِّخونَهُ ويُعَنِّفونَهُ ولم يسلم جسمُه النحيلُ من بطشِ أيديهم القاسيَّةِ، وأقتادوه إلى دارِ العُمدةِ لحين حضور وليّ أمرِهِ…
نظرَ العمدةُ شزرًا إلى الغلامِ المُلطَّخِ بالطينِ قائلًا بغيظٍ مبينٍ: ألا تستحِ يا ولد؟! هل هذا جزاءُ مَنْ علَّموكَ؟! ابنُ مَنْ أنتَ؟
ردَّ الولدُ وقد جمجمتْ عيناهُ: تركني والدي أصارعُ اليُتمَ، ونفضَ الأهلُ أياديهم منِّي؛ وحينما دخلتُ المدرسةَ لم أجدْ كُسوةً تسترُ جسمي. لم يحنو علىَّ أحدٌ من هؤلاءِ القومِ، أجلسوني في المقعدِ الأخيرَ رغمَ قِصَرِي وضَعفِ بصري.
أشارَ إلى أحدُ المدرسين ذي شعرٍ أشيبٍ: لن أنسى موقف هذا معي ذاتَ يومٍ طلبتُ منه مُلِّحًا دخول المرحاضِ فرفضَ رفضًا قاطعًا حتّى بُلْتُ في سرواليَّ الرَّثِّ، وعيَّرني بذلك التلاميذُ مُدَّةً طويلةً.
ثُمَّ نظرَ إلى آخرَ قائلًا بحسرةٍ بالغةٍ: وهذا كم ذقتُ من عصاتِهِ الغليظةِ الضربَ المُبرّح، ومن لسانِهِ السليطِ السبابَ لأتفه الأسبابِ.
وعبسَ في وجه ثالثٍ قائلًا: وذاكَ عاقبني لتحصيلي الدراسيِّ الضعيفِ بصورةٍ مُهينةٍ بأن علَّقَ على صدريّ لافتةً مكتوبًا عليها بخطٍّ عريضٍ ( بليدُ الفصلِ )، وجعل أترابي يسخرونَ منّي مُتغنِّينَ:” يا بليد الفصل، حَوِّدْ على مصر! الساعةُ كمْ يا أفندي؟ الساعة اثنين ونصف”.
نكَّسَ الأساتذةُ الأفاضلُ هاماتهم، واقتربوا من الغلامِ طالبين منه الصفحَ، وهمُّوا بتقبيل رأسه إلّا أنّه حدجهم بنظراتٍ قاسيَّةٍ وانطلقَ يعدو مُبتعدًا مُتفاديًّا السقوطَ في الوحل.


تمّت بحمد الله

التعليقات مغلقة.