اختلفت زاوية الرؤية،فاختلف الحكم واختلفت النظرة النفسية للأمور نفسها..
د. وجيهة السطل
جلس الزوج إلى مكتبه، وأمسك بقلمه ، وكتب:
في السنة الماضية ، أجريت عملية جراحية لإزالة المرارة ، ولازمت الفراش عدة شهور. وبلغت الستين من عمري؛ فتركت وظيفتي المهمة في دار النشر التي ظللت أعمل بها طيلة ثلاثين عاما.
وتوفي والدي في تلك السنة،فجزعت لفقده وزاد حزني وأبكي. ورسب ابننا في بكالوريوس كلية الطب، لتعطله عن الدراسة عدة شهور بسبب إصابته في حادث سيارة .
وفي نهاية الصفحة كتب:
” يا لها من سنة سيئة للغاية !! ”
ودخلت عليه زوجه ، فلاحظت شروده،ومسحة الحزن على وجهه . فاقتربت منه، ومن فوق كتفه قرأت ما كتب !
فتركت الغرفة بهدوء ، من دون تعليق .. وعادت بعد عدة دقائق وقد امسكت بيدها ورقة أخرى ، وضعتها بهدوء بجوار الورقة التي سبق أن كتبها زوجها ..
تناولت الزوج ورقة الزوجة ، وقرأت فيها :
في السنة الماضية .. شفيتَ من آلام المرارة التي عانيت منها سنوات طويلة …
وبلغت الستين وأنت في تمام الصحة والحمد لله …
وستتفرغ للكتابة والتأليف. وقد تعاقدت مع دار النشر على نشر أكثر من كتاب .. ..
وعاش والدك حتى بلغ الخامسة والتسعين من غير أن يسبب لأحد أي متاعب ، وتوفي في هدوء من غير أن يتألم ..
ونجا ابننا من الموت في حادث السيارة ، وشفي بغير أية عاهات أو مضاعفات .
وختمت الزوجة عبارتها قائلة :
“يا لها من سنة أكرمنا الله بها، أيما إكرام وقد انتهت بكل خير. فالحمد والشكر لله رب العالمين” .
لاحظوا .. الأحداث نفسها لكن بنظرتين مختلفتين ..
من الناس من اعتادوا النظر دائماً
إلى ما ينقصهم؛ لذلك فهم لا يرون نعم الله عليهم، ويقصرون في حمد الله عليها …
.
قال تعالى :
“وإنّ ربَّكَ لذو فضلٍ على الناسِ ولكنَّ أكثرَهم لا يشكرون” .
الحمدلله رب العالمين على نعمه التي لا تعد ولا تحصي حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه.
التعليقات مغلقة.