موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

اذكُري الله يا فاطِمة بقلم/فوزي خطاب

239

اذكُري الله يا فاطِمة بقلم /فوزي خطاب


رغم مَسحة الجمال التي وَرِثتها عن أْمي ،وجهٌ مُستدير وعينين واسعتين زرقاوتين وشعرُ مجدُول طويل، تأبي خُصلاته أن تستقر تحت غطاء رأسِ لم يزدني إلا جمالا، أعرف سِحرَهُ في وجه كل من ألقاه ولو مٌصادفة، كهذا الرجل الذي كاد يفقد حياته يوماً تحت عجلات المترو الذي كنت انتظره كل يوم بعد انتهاء محاضراتي علي محطة كلية البنات بمصر الجديدة، وهو يطيل النظر إليٌ مأخوذاً كالخارِج لِتَوه من إحدي حانات ابي نٌواس في شوارع بغداد القديمة، غير آبِه بكٌل هذا الصٌراخ ونداءات الناس من حوله تٌنبههٌ بقدٌوم القطار، كنت أعرف ذلك عن نفسي وعند من تساوره نفسه الضعيفة نحوي بسوء فيسرح منه الخيال وتتسع لديه الآمال، أسرع فأُعيدٌ له ترتيب اوراقه وأصفعُه بكلماتِ جادةٍ رصينةٍ عاقلة، فيعتدل بعد اعوجاج، ويستقيم بعد انكسار ، متحسساً رأسه وحذاءه الذي دخل به مسجدي ناسيا، و اُذَكِرهُ بأرضيٌ المقدسة التي وطئها جاهلاً أو عامدا ، تلك هي شخصيتي التي كَونتُها علي مَهلٍ بقراءات عديدة من مكتبة والدي العتيقة، والتي ضَمنَتْ لي تفوقاً دائماً في دراستي الأولية استمر معيٌ حتي سنوات الجامعة والتي اخترتُ فيها تخصُصي في التاريخ رغم ما كان يسمح به مجموعي من الالتحاق بكليات القمة في حينها، أربعُ سنوات في كلية الآداب كنت فيها الأُولي بامتياز علي دفعتي ،،، تَفوٌقُ منحني فرصة العمل كمعيدة بذات القسم. وسرعان ما حَصُلت علي درجةِ الماجستير كأصغر باحثةِ في تاريخ الجامعة وفي أقصر مدة مُمكنة، دفعت إدارة الجامعة لترشيحي للحصول علي درجة الدكتوراة من جامعة هامبورج في ألمانيا ولأُصبح بعدها أصغر أستاذ للحضارة الإسلامية كموضوع كنت قد اخترته للبحث، لأٌبَيّن فضل تلك الحضارة علي أوربا وكونها أحد أسباب نهضتها في العصور الوسطي وخروجها من سطوة الكنيسة وصُكُوكِ الغفران وظلامِيةٍ كانت ترزح تحتها قروناً طويلة، ذلك البحث الذي لا يرُوق لكثيرين من أساتذة الغرب ومستشرقيه، بيننا وبينهم فرُوقات كبيرة في النشأة والثقافة والتكوين والدين، سأقف أمامهم بعد أيام قليلة في عقر دارهم انتزع منهُم اعترافاً بِسبقِنا وصكاً بريادتِنا اناقشهم وأُلقي الحُجة في وجُوهِهم وانزعُ عنهم رِداء حضارتهم وأرُدها إلي أصحابها ومهدها الأول وأصلُ بكارتها، ولكن كيف وقد بلغ التعصبٌ بهؤلاء مبلغا كبيرا والإنكار شأنا عظيما جحدوا به كل فضل جاء به الإسلام وجادت به حضارته وفاضت به علومه وجهود علمائه وشهد به المنصفون من أعدائه وما هي إلا ساعات إلا وجدتُني في قاعة المناقشة المكتظة عن آخرها بأُناسِ مختلفي الأعراق والأديان ،وآخرين تستهويهم مثل هذه المناقشات وإن لم تُوجَه لهم الدعوة بالأساس وكأنهم جاءوا ليشهدوا الحلقةالأخيرة من صراع محسُوم سلفا بين حضاراتين، ومصرع هذه الغزالة الصغيرة الواهمة، المتحدية ،الواقفة وحدها أمام تلك الأنياب البارزة، والوجوه الباردة التي تحتل مِنصة المُناقشة والتي لن تٌفلحُ معها استدارة وجه، ولا زُرقَة عين وخصلات شعر، تلك الأسلحة القديمة التي كٌنت أحسبها ماضيةً وقتما احتاجٌ إليها، ولاحتي البيان والفصاحة حين انعقد لساني ،وغاب بياني وذهبت حجتي ،بعدما نُودٌي باسمي لأُلقي بيان البحث فلم انطق بحرف أو تنفرجَ شفتي عن كلمةٍ واحدة كأنهم ينادون غيري ،وكأنني وُلدتُ بَكماء !! نُودي باسمي من جديد ، لكني صَمَتُ!! و وصَمَُت !!وطاال صمتي وصَمَتَت القاعة كلها معي كأن علي رؤُوسِهم الطير تتملكُهم الحيرة مِنِي وتملئهُم الشفقةٌ عليٌ وتعقد حواجبهم الدهشةويأخذُهم الرثاءُ لِحالي، يتأهب المُناقِشُ للإلغاء ويستعد الجَمعُ للإنصراف وقلبي يكادُ يتوقف وأكاد أبكي فأرفع رأسي لأعلي كي أمنع الدموع التي تجمعت في حدقَة عيني من السقوط فتبلل أوراق بحثي الشاهدةعلي هزيمتي وانكساري وضعفي وقلة حيلتي ،وإذا بصوتِ من آخر القاعة قوياً زاهيا رنانا كأنه ينهرُني يشق الصمت ويحطم السكون بلغة عربية فصيحة واثقة فيمن تُذَكرَ به مُطمئنةٌ إليه قائلة لي” اذكُري الله يا فاطمة”!!! “اذُكري الله يا فاطمة”!!! التفتٌ فإذا هي ( أُمِي ) التي ورَثتني الجَمال والإيمان والثقة في الله فانطلقتُ كمن حُرَرَ من بعد قيد، وأُطلِقَ من بعد حبس، وأبصر من بعد عَمَي.اناقِشُ وأُجادل، أحاور وأراوغ وأقارن وأقارع،أقبل وأرفض وارفع وأخفض. أحطم ساكناً واقتل صامتا و اطمئن قَلِقا واهدي حائرا استقرت في قلبه اذكري الله يا فاطمة !!!

التعليقات مغلقة.