استغاثة “بعل زبوب ” قصة قصيرة
استغاثة “بعل زبوب ” قصة قصيرة
د. ريهان القمري
ها هذا القمر ينتصف بدرا و ينظر من السماء لتلك البسيطة و يقطر جبينه حزنا ويتراقص جسدي انتصارا
-ها قد وصلت إلى ما أريد فالشوارع فارغة ، المساجد مهجورة ، صلاة التراويح تحولت إلى صمت و سكون كذلك الذي يعلو شواهد القبور
-ما أجمل رائحة القبور !! لا ترتاح نفسي إلا بها
- الآن فقط نجحت و هجرت الحياة نفوس البشر و أصبح الجميع يسير مكشوف القلب مغطى الوجه لا خروج بعد غروب الشمس الذي يقتحكم روح هذه البسيطة الآدمية الحقيرة التي أكرهها جدا و أكره كل من عليها
-الآن تحقق هدفي ، و قتلت كل الحياة بداخلهم و خارجهم و لم يتبقى لي إلا الحصاد الأكبر
وبعد أن ظل هذا الكائن هو و اخوته يجوبون الشوارع ويشربون أرواح الناس كئوسا و يرفعون رايات النصر ويتراقصون عرايا على نغمات الموت و الفقر قائلين : ” لقد مر نصف شهر رمضان و ابن شيث لا يعبد إلا خوفه ، لقد نجحنا … نجحنا و سيطرنا على هذا العالم “
الآن نعلن انتصارنا و نشرب نخب الموت و الهلاك لأبناء شيث ، نحن المُلَّاك الجدد لهذا الكوكب الأزرق ، نحن الأسياد هنا
وفجأة و في زهوة الاحتفال بالنصر و تتويج كورونا على هذا الكوكب اليائس داهمتهم رائحة خانقة و نور عظيم يكاد يحصد جميع أحماضهم النووية في دقائق معدودات
انتفضوا وقالوا:
ما هذه الرائحة النفاذة ؟!
ما هذا السناء البغيض ؟!
لماذا لا نجد من نتكئ عليه ؟!
لا نجد من نتلمسه و نحتله و نبيده ؟
لا نجد من نستطيع الدخول إلى تجاويف جسده ؟
حتى الأيدي التي اعتدنا الالتصاق بها لم تعد نفس الأيدي ذاتها
هناك شئ مختلف
شئ لا نعلمه ولا ندركه
الأسطح كلها أصبحت معقمة برذاذ من نوع غريب لم نعتد عليه ، فطيلة الشهور الماضية اعتدنا على ذلك المعقم الذي كان يتسابق عليه كل بني البشر الموتورين حتى سيطرت الشركة المصنعة الخاصة بنا على كل أسهم البرصة العالمية و اصبحت التجارة فيه أكثر رواجا من تجارة السلاح ….فما أجمل صناعة الموت !!و ما أجمل التجارة فيها !!
ولكن
يا ربنا !! ماهذا العقار الجديد الذي غزا كل مكان في هذا العالم ؟!!
و ما هي تلك الشركة المنافسة الجديدة التي أوشكت على النجاح في الوصول إلى هدفها و هو ابادتنا ؟!!
يا ربنا قل لنا من هو إلههم الذي يساندهم كي ينتصروا علينا في هذه الحرب ؟!
صرخ كبيرهم و هو يترنح فلم يعد يستطع تحمل هذا الاختناق الذي اعتصر جداره الخلوي
كيف يحدث لي هذا ؟!!
-أنا وليد كل خبث صنعوه بأيديهم .
-أنا النفس الأمارة بالسوء التي طغت و علت و انتصرت و يجب أن تستمر و تبقى
-أنا ابن الشيطان ،لا ، بل أنا ابن ابن الشيطان الأعظم “بعل زبوب ” ملك الذباب الذي انتقل بين كل أنواع الخبث في خلايا أجسادهم ودمرها بسوء باطنهم الذي رواني حتى صرت أسيطر عليها جميعا
يا إلهى محتواي النووي يحترق من هذا الرذاذ الذي يتم تسليطه عليَّ من مصدر مجهول !!
ما هذا الصوت الذي يلتهم حشاشتي؟؟!! إنه يعلو و يعلو و يعلو
-أوقفوه
-أصمت يا هذا !
- من أي خبث أتيت كي تقضي علي و أنا الامبراطور التاجي ؟!!
-أصمت يا هذا فأنا التاج الأعظم “كورونا “الذي احتل العالم و سأظل هكذا أنمو منهم و إليهم - آه ، أذني … لا أحتمل أن أستمع إلى تلك العبارة التي تصيبني بالفشل التنفسي ” لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ”
- لماذا يصرون أن يسمعوني إياها ؟!!
- ألم أحبسهم جميعا في بطن الخوف ؟!!
-أوقفوا هذا السناء فقد تسمرت قدامي
- أوقفوا هذا الصوت الفتاك الذي يفجر ال RNA العظيم
- ما هذا
- لم أفق من القنبلة النووية الأولى حتى داهمتني الثانية ” إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون “
- من هذا الذي ما زال يصر على ترديد هذه الترانيم الغريبة بهذا اليقين القوي ألم أغلق كل المساجد و الكنائس و المعابد !!!!!
التعليقات مغلقة.