الأتوبيس الوردي قصة قصيرة ل رضا يونس
خمسينينة هي وما زالت تتمسك بأهداب الحلم ..منذ عشرين عاما تركب الحافلة رقم ٣١ من محطة الزاوية الحمراء وحتى ميدان الجيزة دونما هدف سوى أن قرأت لها امرأة غجرية طالعها وبصقت في فنجانها الفارغ من العرسان منذ عقدين ..قالت لها :
عدلك هتلاقيه ف الاتوبيس ٣١ اوعي ف يوم تتوقفي عن ركوب الاوتوبيس ده متنزليش منه نهائي اركبيه ذهاب وعودة..وهيجي اليوم اللي هتسمعي فيه خبر يفك كربك ومتنسيش حلاوتي .
ومنذ ذلك اليوم وهي تستقل الحافلة ٣١ ذهابا وجيئة دونما استراحة..دونما ملل . كان حلمها يزداد بريقا وتألقا مع اتجاه عقاربها العكسية ..تغير عليها أربعة عشر سائقا وخمس وعشرون كمساريا … حتى أن شركة النقل جددت شباب أتوببسها، وألقت بهذا الكهل في مستودع العهدة الصدئ واستبدلته بٱخر طابقين أكثر شبابا ذي رداء وردي ، وزادت في رقمه شرطة ليصير ٣١ بشرطة… لكنها ما زالت تنتظر الوعد… باتت علما من أعلام أتوبيس القاهرة الكبرى. بل أثرا كبيرا يؤرخ لتلك الحقبة ..
اليوم استقلت حلمها الذي هرم ؛ لم تمله يوما ،
رغم أنه سئمها وملّ صحبتها…
سمعت من خلفها همسا لبعض الفتيات.. يتحدثن عن صعوبة الزواج هذه الأيام، وأنهن لا يأملن في اللحاق باتوببس الزواج ، إحداهن تشكو لأترابها تقدمها في السن فقد تخرجت منذ عامين من الجامعة,ولا يبدو في الأفق أملا، وأخرى تسرهم بأن شقيقتها باتت في الثلاثين ولم يصبها أتوبيس الزواج بعد، وتخشى أن يصيبها ما أصاب شقيقتها من عطب..
ثالثة تبدي دهشتها لتغيير الحكومة مسمى قطار الزواج، بأتوببس الزواج،،همهمت فتاة عشرينية بصوت خافت: انا حد قريبي ف ( ……) قالي القطارات بتولع االيومين دول ،والحكومة بتعتبر العوانس ٱثار خايفه عليهم م الحرق…
تدخلت إحداهن تزف إليهن خبرا قرأته منذ شهر في جريدة الغد..يقول الخبر أن الحكومة قررت توزيع أزواج مناسببن لتلك العوانس اللاتي فاتهن أتوبيس الزواج على المقررات الشهرية للبطاقات التموينية، ولهذا تقوم بحذف أعدادا هائلة من الذين دخلوا قفص الأتوبيس … ولن تمانع الحكومة من استيراد أزواج من الخارج ، إن لم يتيسر لها منتج محلي كاف، على أن تتكفل المستهدفات من الحملة بتكاليف الجلب بالعملة الصعبة ٍ …
اعترضت صديقتها قائلة : مستحيل الحكومة تنفذ ده، مفيش عمله صعبة اصلا ف البلد والدنيا خربانه ..والبلد فيها ملايين العوانس مستحيل مستحيل.. مستحيل.
انتفضت الخمسينية صارخة بأم لسانها وحنجرنها وأحبالها الصوتية البكر وقد استشاطت غضبا وثورة :
وحياة أمك أنتي هتفهمي أكتر من الحكومة، إن ما خرستيش يا بنت الملووحه، هرميكي من أتوبيس العوانس قبل ميعادك .
التعليقات مغلقة.