موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

الأثر وسر البقاء… حاتم السيد مصيلحي

203

الأثر وسر البقاء…

حاتم السيد مصيلحي


لم يخلق الله سبحانه وتعالى الإنسان عبثا، وإنما خلقه لمهمة وغاية، فأما المهمة هي استخلافه في الأرض وعمارتها حيث قال جل شأنه: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة : 30]
وقوله سبحانه: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ ۖ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [الروم : 9]
وهذه الخلافة، وذلك الإعمار له من المسوغات، والأدوات والطباع التي تفرد بها الإنسان عن سائر الخلق بما يحمله من إرادة حرة محركها قلب نابض، وعقل ناهض، أينما سار وحل خلف وراءه الأثر ماديا كان أم روحيا من لدن آدم عليه السلام إلى أن يرث الله الأرض وما عليها، وقوفا على أول حادثة سجلتها الذاكرة البشرية على الأرض وروتها لنا الصحف المنزلة لتضع لنا تصورا لإنفاذ وعد الشيطان لربه، ووعيده لأبناء آدم فنفث سمه في قلب قابيل فطوعت له نفسه قتل أخيه هابيل، وما أصابه بعدها من حيرة وندم، حيث قال تعالى:{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَٰذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31)} [المائدة : 27-31]
وتعاقبت الأحداث والتجارب البشرية المتصارعة،وآثارها الباقية التى خلفتها الأزمان وحفظتها الصدور، وسجلتها الأقلام سر البقاء، ولغز الحياة التي يحميها من الاندثار.

 وقد حملت لنا الحفائر الأثرية، والنقوش الحجرية، والمرويات التاريخية، وقائع تلك الحياة الإنسانية لتكون شاهد عيان على صدق تلك المرويات وإثباتها، مما دعا الباحثون إلى تقسيمها إلى عصور قديمة، ووسطى، وحديثة، بما تحمله تلك العصور من تحولات وفواصل. 

وأما الغاية، فهي عبادة الله الواحد الأحد لا يشركون به شيئا وقد أكد على ذلك رب العزة في قوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات : 56] 
   ولم يترك سبحانه عباده لنوازع النفس الأمارة،ولا لوساوس الشيطان الخداعة، بل تعهدهم سبحانه بالرسالات السماوية، أنزلها على خيارهم المصطفين من قبله؛ لينذرهم بأسه وعذابه وليهديهم سبل الرشاد والنجاة، فمنهم من اهتدى بهديه ففاز، ومنهم من ضل وغوى فنال من الله مايستحق من العذاب.

ويبقى الأثر سر من أسرار البقاء الإنساني المتوارث عبر العصور، وعامل من عوامل الربط لسيرة حياة بني آدم على الأرض، والذي كان يحمل بين ثناياه وجهين أو سلاحا ذا حدين، حد البناء والإعمار، وحد الغي والضلال،وهذا ما سجله القرآن الكريم في بيان حججهم في قوله سبحانه: {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ} [الزخرف : 22]
وقوله تعالى: {وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ} [الزخرف : 23]. وكان آيةإنكار ما يعتقدون، قوله تعالى:
{أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [النمل : 64]
فاللهم اجعلنا ممن سار واقتفى أثر الصالحين، وصدق وآمن بما أنزلته على المرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
بقلم: حاتم السيد مصيلحي

التعليقات مغلقة.