الأحلام طاقة من نور …عائشة غلاب
الأحلام طاقة من نور …عائشة غلاب
إنّ تركیبة العقل الإنساني مُعقدة أشدّ تعقید كجھاز مُتشابك الخیوط مُتداخل التراكیب ،فمنذ ولادته وھذا العقل یُسجّلُ كُلّ كبیرة وصغیرة من أحداث وأشكال
وأصوات وأماكن،فتختبئ بعضُھا في عقلٍ باطن حتى أنّ صاحبھا یكادُ ینساھا بینما تظھرُ في بعض تصرّفاته دون أن یعلم سببا منطقیا لھا ،فتزورُهُ أحیانا على شكل خواطر او إشارات تتواردُ لهُ في أحلامه على شكل أحداث تتشابهُ مع الخیال لأنّ بعضھا غیر ممكن للتصدیق، كأن یطیر مثلا أو أن یمشي فوق السّحاب وأنّ
الكائنات الأخرى تتحدّث معهُ.
لذا فقد اعتبر عُلماء النفس الأحلام تنفیسا لبعض المكبوتات والأمراض
العصبیة التي یعاني منھا بعض الأشخاص الذین تعرّضوا في حیاتھم إلى مُنغّصات شوّھت حیاتھم وأقلقت راحتھم .كما یُعتبر عالم الأحلام كطوق نجاة
لبعض التّعساء والمحبطین وجسرا نھرُبُ منهُُ إلى عوالم صافية نقية بعيدة عن البؤس والحزن والمهانة،عوالم تتمناھا أرواحنا ،أو كان نلتقي بأشخاص ماتوا فيقودنا الحنين والاشتياق إليهم،فنشبع هذه الرٍغبات ونملأ فراغا روحيا يتعبنا ورؤيتنا للاحلام تكون إما لاناس أحیاء أو أموات، فنھرُبُ إلى هذه الرؤى من عالم الجسد إلى
عوالم الروح ومن منغصات الواقع ومرارته إلى حلاوة الغیب الجمیل النّاعم الذي نمشي فیه على أرض لیست صلبة ، أٍرض مفروشة بعشب الفرح وبورود السّعادة الباذخة الجمال، فھي بالنّسبة لنا جنّة الدّنیا التي نُحقّقُ فیھا كلّ ما صعُب علینا
تحقیقھُ على الواقع الذي لا یكونُ أحیانا عادلا في إن یقسّم السعادة بالتّساوي على كُلّ البشر لعجز جسماني أو أجتماعي فیعطینا طاقة من نور نُواصلُ بفضلھا
الحیاةبرضى وقناعة مُصطنعة أو حتمية ،خاصة من تكون لدیھم قُدُرات في مجالات ما،، ولم یستطیعوا تحقیقھا ،
فتبقى ھذه الأمنیات المُقیّدة تُلاحقھم في احلامھم وحتى یقظتھم ، فلم یجدوا مكانا
أٍحب یبنون فیھ أمنیاتھم دون أن یھدمھا بشر أو ظروف قاھرة تقفُ سدّا منیعا بینھم وبینھا.
كما تُعتبر بعض الأحلام تنبّؤات لأحداث رُبّما ستقعُ في المستقبل لبقریب أو البعید نوعا ما ،وھؤلاء الأشخاص یُقال أنّ لھم صفات مُعینة كالصّدق والصّفاء
الروحي والتّصالح مع الذات.
یقولُ أحد العُلماء أن من تتحققُ نبوءات أحلامھم یمتلكون الدّرجة الأربعون من النّبوءة التي خصّ بھا الله أنبیاءھم .فتكونُ
لھم بمثابة رسالة الھیة تُعطیھم حصانة روحیة لتحمّل بعض الصّدمات التي كانت ترسل لهم
لھم مؤشرات رمزیة في أحلامھم كموت قریب أو فقدان مال أو شيء آخر.وأبلغ دلیل ھو قصة نبینا یوسف علیھ السلام حین رأى أن الشمس الكواكب تسجُدُ لهُُ،
وحین روى لأبیه منامه،وكيف انهراى احد عشر كوكبا والشمس والقمر يسجدان لهُ،ُ قال لهُ ابوه : لا تُخبر إخوتك كي لا یكیدوا لك،ورغم ذلك فقد كادوا له،لكنه في الاخير سجد له الجميع .
ویبقى الحٌلمُ لُغزا محیرا لا زال العلماءُ یدرسونهُ ویدققون في تفاصیله الغريبة .
عائشة جلاب
الجزائر
التعليقات مغلقة.