الأصـابـع المُـدلًـلـة
أحمد عفيفي
بقلم الأديب:أحمد عفيفى
لاهثاً..راح يطوى درجات السلم صعوداً, تصطدم قدماه بأوراقِِ خضراءِِ مُشبّعةِِ باصفرارِِ , ينظر بازدراءٍ الى عروقها المنتفخة بالماء ,
عند المدخل, شاهد -حلًّة- كبيرة فوق -وابور الجاز-, يعلو غطاؤها ويهبط , بفعل بخارالماء..إغتاظ , قال لزوجنه:-عملتيها-؟ قالت: الأولاد طلبوه, قال:ملعون أبوهم , وأبوه ,قالت:لم تكن تجرؤ على سبّه هكذا , وقت أن كانت أُمك تطبخه لنا!,
قال:كانت تحبه , وكذلك كان إخوتى! , قالت:وكذلك الأولاد يحبونه!
تذكّر تمرّده يومها, وتعنيف أُمه له, وهروبه غاضباً , والرجل الضخم صاحب الوشم الكبير بمنتصف صدره , حين رفعه بغتةً بيدٍ واحدةٍ ووضعه عالياً فوق–الجنط- الحديدي المثبت بعامود قاطرة مدفع -البُمب-..فى مولد -أبو المعاطى-..وتذكّر كيف تماسك عن البكاء, والصُراخ , خشية أن يسخر منه أقرانه الصغار..حتى ترنّح فى إحدى الدفعات القوية وهوى أرضاً , وتمزّق بنطاله..وكانت العجوز أُم صاحب المدفع قد أنزلت لتوّها آذاناً ضخماً من فوق -الكانون- الطوبىّ, مُفعماً بأصابع -المحشى- الحريفة..
كان الجوع يعتصر أمعاءه حين شاهد العجوز ترفع غطاء الأذان فتنبعث الرائحة التى يعرفها جيداً.. وكانت أذرعُ الرُّواد تتهافت ممسكةً بقروشها المعدنية للحصول على طبق -المحشى-, وحين ناولته العجوز طبقاً , لم يجد بُدّاً من إلتهامه
*فى مشهدٍ مهيبٍ كان قد نسى طقوسه , تألقت- طبلية- المناسبات, وازدانت بأوراق الجرائد المقصوصة بأشكالٍ هندسيةٍ مُنمّقة , وعدّة أطباقٍ , وخضروات وبصلِِ أخضر..وكان الصغار يجلسون القرفصاء فى بهجةٍ , يُدندنون بصوتٍ خالٍ من النشاز ,حتى جاءت أُمهم فرحةً تحمل.-صينيةٌ- كبيرةٌ مُفعمةٌ بأصابع -المحشى- المُدلل
سحب رغيفاً, وعُلبة -سلمون- وراح يمضغُ بصعوبةٍ , وراح أصغرهم يُشاكسه ,يحاول ان يضع صابعاً من -المحشى فى فمه , أشاح بوجهه , أصرّ الصغير حتى دسّه فى فمه -عُنوةً- , فعلها الصغير ثانيةً , وثالثةً , أخذ يمضغُ مستسلماً , مُدارياً إبنسامته
التعليقات مغلقة.