الأمن القومي المصرى
الأمن القومى المصرى
د.أحمد دبيان
الانجليز سادة الاستراتيجيات ، وضعوا استراتيجيات الدفاع عن مستعمراتهم .
ضمن المستعمرات بالطبع كانت مصر المثقلة بجغرافيتها الطبيعية والتخليقية بعد جراحة شق قناة السويس .
بعد حفر القناة ، كانت خطط دفاع الانجليز عن الوادى لا تضع أبداً فى الاعتبار فلسطين وسيناء .
وهم فعلياً من رسخوا ان خط الدفاع الأساسى عن القاهرة والوادى هو الضفة الغربية لقناة السويس .
كانت فلسطين وقتها جزء من ممتلكات الامبراطورية العثمانية .
تجلى اثر هذه الاستراتيجية ، فى حملة السفر برلك ،حيث رابطت القوات الانجليزية غرب القناة وصدت الهجوم العثمانى الموجه بالأساس لاستعادة مصر من الانجليز ، لتجنيد المصريين بالسخرة وهو ما فعله الانجليز لاحقاً ” وكانت أغنية الشيخ سيد درويش ، يا عزيز عينى والسلطة خدت ولدى ،تأريخاً فنياً لهذه الحادثة ” .
صدت القوات البريطانية حملة السفر برلك وترسخ الاحتلال البريطاني باسم الحماية .
ورث القادة العسكريون المصريون هذه الاستراتيجية الدفاعية ، فكان الانسحاب للممرات ، مجرد تكتيك دفاعى لكسب الوقت تهيئة للانسحاب للغرب للدفاع عن القاهرة والوادى ،
الوحيد الذى أعاد صياغة فقه الاستراتيجية المصرية للدفاع عن القاهرة والوادى كان العبقرى الراحل ،
الدكتور جمال حمدان بأن الدفاع عن القاهرة “منف، هليوبولس ، الفسطاط والوادى” كان وعبر التاريخ يبدأ دائماً من الشرق .
ذكرها القرآن تسجيلاً وتوثيقاً حين قال الله فى محكم آياته
” غلبت الروم فى أدنى الارض “
أدنى الارض وأكثرها انخفاضاً هى ارض الجليل” فلسطين “
وتم بعدها الاكتساح الفارسي للوادى والدلتا .
انتبه المماليك لهذا ومن قبلهم تحتمس ومن قبله احمس ،فكان طرد الهكسوس على يد احمس لأواسط آسيا ، وكان صد تحتمس للغزاة عند مجدو .
ثم كان صد رمسيس للغزاة عند قادش .
وكان صد المماليك “قطز ” للتتار عند عين جَالُوت .
وكانت حملات بيبرس للقضاء على إمارات الساحل الصليبية .
نبهت حركة الجغرافيا والتاريخ المفكر الدكتور عالم الجغرافيا جمال حمدان ،فكان كتابه سيناء فى الاستراتيجية المصرية الحديثة ، الذى قال فيه نصا :
من يسيطر على فلسطين يهدد خط دفاع سيناء الأول ،من يسيطر على خط دفاع سيناء الأوسط يتحكم فى سيناء.من يسيطر على سيناء يتحكم فى خط دفاع مصر الأخير.
من يسيطر على خط دفاع مصر الأخير يهدد الوادى.
وكان كلامه القاطع فى مقدمة الجزء الاول من موسوعة شخصية مصر
في تقديم الجزء الأول “من شخصية مصر”
: “ان مصر بالذات محكوم عليها بالعروبة والزعامة، ولكن أيضاً بتحرير فلسطين، وإلا فبالإعدام،
فمصر لا تستطيع أن تنسحب من عروبتها أو تنفيها عن نفسها حتى لو أرادت.
كيف؟
وهي إذا نكصت عن استرداد فلسطين العربية كاملة من البحر إلى النهر، وهادت وهادنت وخانت وحكمت عليها بالضياع، فقد حكمت أيضاً على نفسها بالإعدام، وبالانتحار، وسوف تخسر نفسها ورصيدها. الماضي كالمستقبل، التاريخ والجغرافيا”.
التعليقات مغلقة.