موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

الأم والبر بالأمهات … محمد الدكرورى

216

الأم والبر بالأمهات
بقلم / محمــــد الدكــــرورى

الأم هو المخلوق الضعيف الذي يعطي ولا يطلب أجرًا، ويبذل ولا يأمل شكرًا، هل سمعتَ عن مخلوق يحبّك أكثر من ماله؟ لا، بل أكثر من دنياه، لا، بل أكثر من نفسه التي بين جنبيه، نعم يحبّك أكثر من نفسه، إنها الأم، الأم وكفى، فهى رمز الحنان .

والأم ، لطيفة المعشر، تتحمل الجفوة وخشونة القول، تعفو وتصفح قبل أن يُطلب منها العفو أو الصفح، حملت جنينها في بطنها تسعة أشهر، يزيدها بنموه ضعفاً، ويحمِّلها فوق ما تطيق عناء، وهي ضعيفة الجسم، واهنة القوى، تقاسي مرارة القيء والوحام، يتقاذفها تمازج من السرور والفرح لا يحسّ به إلا الأمهات .

الأم هي قسيمة الحياة، وموطن الشكوى، وعتاد البيت، ومصدر الأنس، وأساس الهناء ، ويطيب الحديث بذكراها ، ويسعد القلب بلقياها، حنانـها فـياض لا ينضب، ونبعــها زُلال لا يجف ، حقا إنها الأم ، وما أدراك ما الأم ، عطر يفوح شذاه ، وعبير يسمو في علاه ، والعيش في كنفها حياة ، وعين لا تكتحل برؤيتها عقوقاً وإعراضاً حسرة ، والبعد عنها أسى وحرمان.

فكم حزنت لتفرح، وجاعت لتشبع، وبكت لتضحك، وسهرت لتنام، وتحمّلت الصعاب في سبيل راحتك، إذا فرحت فرحت، وإن حزنتَ حزن، إذا دَاهمك الهمّ فحياتهافي غمّ، أملها أن تحيى سعيدًا رضيًّا راضيا مرضيًا .

حقا إنها الأم ، يا من تريد النجاة، الزم رجليها، فثمّ الجنة، فقد قال ابن عمر رضي الله عنهما لرجل: (أتخاف النار أن تدخلها، وتحب الجنة أن تدخلها؟) قال: نعم، قال: (برّ أمك، فوالله لئن ألنت لها الكلام وأطعمتها الطعام لتدخلن الجنة ما اجتنبت الموجبات)، يعني: الموبقات.

والأم لا توفّيها الكلمات ، ولا ترفعها العبارات ، وإنما محلّها سويداءُ القلب وكفى به مستقراً ، حقا إنها الأم التي وصى بها المولى سبحانه وتعالى ، وجعل حقها فوق كل حق إلا حقّه ، وجعل شكره سبحانه مقروناً بشكرها ، وهى أمك ، ثم أمك ، ثم أمك ، قالها المصطفى ، صلى الله عليه وسلم ، ثلاثاً لمن سأله من أحق الناس بحسن صحابتي.

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال: ” رضا الرب من رضا الوالد، وسخطه الرب من سخط الوالد ” رواه الترمذى ، فالبر بالأم مفخرة الرجال، وشيمة الشرفاء، وقبل ذلك كله هو خلق من خلق الأنبياء ، فقال تعالى عن يحيى عليه السلام ( وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً ) سورة مريم .

وفى حالَ صغرك، تذكّر ضعف طفولتك، فقد حملتك أمك في بطنها تسعةَ أشهر وهنًا على وهن، حملتك كرهًا ووضعتك كرهًا، تزيدها بنموّك ضعفًا، وتحملها فوق طاقتها عناءً، وهي ضعيفة الجسم واهنة القوى، وعند الوضع رأت الموتَ بعينها، زفرات وأنين، غصص وآلام، ولكنها تتصبّر، وتتصبّر، وتتصبّر، وعندما أبصرتك بجانبها وضمتك إلى صدرها واستنشقت ريحك وتحسست أنفاسك تتردّد نسيت آلامها وتناست أوجاعها .

وقد رأى ابن عمر رضي الله عنهما رجلاً يمانيًا يطوف بالبيت حمل أمه وراءه على ظهره، يقول: إني لها بعيرها المدلَّل، إن أذعِرت ركابها لم أذعر، الله ربي ذو الجلال الأكبر، حملتها أكثر مما حملتني، فهل ترى جازيتها يا ابن عمر؟! قال ابن عمر: (لا، ولا بزفرة واحدة).

إنها الأم يا من تريد مغفرة الذنوب ، وسترَ العيوب ، ويأتي إلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، رجل، فيقول: أذنبت ذنباً كبيراً فهل لي من توبة؟ فقال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم “هل لك من أم؟” قال: لا، قال: “فهل له من خالة؟” قال: نعم، قال: “فبرها” رواه أحمد .

حقا إنها الأم ، التى عندما رأتك علّقت فيك آمالها ورأت فيك بهجة الحياة وزينتها، ثم انصرفت إلى خدمتك ليلها ونهارها، تغذيك بصحتها، وتنميك بهزالها، وتقوّيك بضعفها، فطعامك درّها وبيتك حجرها، ومركبك يداها، تحيطك وترعاك، تجوع لتشبع، وتنهر لتنام، فهي بك رحيمة، وعليك شفيقة .

ويا من تريد رضى رب البريات، وتطلب جنة عرضها الأرض والسموات ، دونك مفاتحيها بإحسانك لأمك ورضاها عنك ، فهذا رجل من صحابة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، يأتي إليه ، يحدوه شوقه إلى جنات ونهر ، وتتعالى همته لاسترضاء مليك مقتدر، فيمشي إلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، فيقول: “يا رسول الله ائذن لي بالجهاد؟ فقال له النبي الكريم صلى الله عليه وسلم “هل لك من أم؟” قال: نعم، فقال: “ الزم قدمها فثم الجنة“ .

وعن أنس بن نضر الأشجعي قال: استقت أم ابن مسعود رضي الله عنها ماءً في بعض الليالي، فجاءها بالماء فوجدها قد ذهب بها النوم، فثبت عند رأسها حتى أصبح، ولما قدم أبو موسى الأشعري وأبو عامر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعاه وأسلما، قال لهم النبى الكريم عليه الصلاة والسلام: ” ما فعلت امرأة منكم تدعى كذا وكذا؟ ” قالوا: تركناها في أهلها، قال: ” فإنه قد غفِر لها ” .

قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: ” ببرها والدتها ” قال: ” كانت لها أم عجوز كبيرة، فجاءهم النذير: إن العدوّ يريد أن يغير عليكم، فجعلت تحمل أمها على ظهرها، فإذا أعيت وضعتها، ثم ألزقت بطنها ببعض أمها وجعلت رجليها تحت رجلي أمها من الرمضاء حتى نجت .

والإحسان إلى الأم سبب لقبول الأعمال ، والإحسان إلى الأم سبب للبركة في الرزق وفي العمر, في وقتٍ قلت فيه البركات ، وأعظم الصلة صلة الوالدين، وأتم الإحسان الإحسانُ إلى الأم ، وتفتح أبواب السماوات، وتجاب الدعوات، لمن كان باراً بوالدته، محسناً إليها ، انطبقت الصخرة على ثلاثة نفرٍ، فدعا كل منهم، وتوسل إلى الله بأرجى عمل عمله، ومنهم رجل كان باراً بوالديه، ففرج الله عنهم الصخرة ونجوا من الهلاك.

والأم هي التي تعطي ولا تنتظر أن تأخذ مقابل العطاء، وهي التي مهما حاولتَ أن تفعل وتقدّم لها فلن تستطيع أن تردّ جميلها عليك ولو بقدر ذرة صغيرة ، فهي سبب وجودك على هذه الحياة، وهي سبب نجاحك، تُعطيك من دمها وصحّتها لتكبر وتنشأ صحيحاً سليماً، وهي عونك في الدّنيا، وهي التي تُدخلك الجنّة .

حقا هى الأم ، التى الخير كله عندها، وتظن الشر ، لا يصل إليك إذا ضمّتك إلى صدرها أو لاحظتك بعينها، فلما تم فصالك في عامين، وبدأت بالمشي، أخذت تحيطك بعنايتها وتتبعك نظراتها وتسعى وراءك خوفًا عليك، ثم كبرت وأخذت منك السنين، فأخذ منها الشوق والحنين، صورتك أبهى عندها من البدر إذا استتمّ .

وصوتك أبدى على مسمعها من تغريد البلابل وغناء الأطيار، ريحك أروع عندها من الأطياب والأزهار، سعادتك أغلى من الدنيا لو سيقت إليها بحذافيرها، يرخص عندها كلّ شيء في سبيل راحتك، حتى ترخص عندها نفسها التي بين جنبيها، فتؤثر الموت لتعيش أنت سالمًا معافى.

فكم من ساعات قضى فيها المسلم للوالدين حاجات، غفر الله عز وجل بها الذنوب والزلات، وخرج بها الهموم والكربات، كم ولد بار أو فتاة بارة قاما من عند والديهما بعد سلام أو طيب كلام أو هدية متواضعة وقد فتحت أبواب السماء بدعوات مستجابات لهما من والديهما الضعيفين الكبيرين .

فالأم هذه الكلمة الصغيرة ذات الحروف القليلة ، ولكنّها تحتوي على أكبر معاني الحبّ والعطاء والحنان والتّضحية، والأم هي الأنهار التي لا تنضب ولا تجفّ ولا تتعب، متدفّقة دائماً بالكثير من العطف الذي لا ينتهي، وهي الصّدر الحنون الذي تُلقي عليه رأسك وتشكو إليه همومك ومتاعبك .

إن أمك لها عليك القدر العالي ، أحسنت إليك منذ كنت نطفة ، في حملك ذاقت الألم والُمرّ ، وعانت الشدة والضرّ ، فكم من أنَّةٍ خالجتها، وزفرة دافعتها ، من ثقلك بين جنبيها ، ولا يزداد جسمك نمواً إلا وتزداد معه ضعفاً ، تُسرّ إذا أحسّت بحركتك ، ولا يزيدها تعاقب الأيام إلا شوقاً لرؤيتك ، فإذا حانت ساعةُ خروجك فلا تسل عما تعاني ، حتى لربما عاينت الموت ، فإذا رأتك وشمتك ، نسيت آلامها وتناست أوجاعها، وعلقت فيك آمالها ، فكنت أنت المخدومُ في ليلها ونهارها .

وإن مقتضى البِر بالأمهات مترتب على المعنى الشامل لكلمة البر، فهي كلمة جامعة لخيري الدنيا والآخرة، وبر الأمهات يعني الإحسان إليهن وتوفية حقوقهن، وطاعتهن في أغراضهن في الأمور المندوبة والمباحة، لا في الواجبات والمعاصي، ويكون البر بحسن المعاملة والمعاشرة، وبالصلة والإنفاق، بغير عوض مطلوب ، ويدخل في ذلك إيناسهن وإدخال السرور على نفوسهن بالأقوال والأفعال.

التعليقات مغلقة.